
فاطمة هاشم
انطلقت فعاليات النسخة الرابعة من منتدى أنطاليا الدبلوماسي (ADF) تحت شعار “تبنّي الدبلوماسية في عالم مُنقسِم“، بحضور رؤساء دول وحكومات ووزراء خارجية من مختلف أنحاء العالم بحسب تقرير أوردته شبكة “BBC“.
يعد منتدى أنطاليا الدبلوماسي منصة دولية تُعقد سنويا في أنطاليا تحت رئاسة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، انطلق لأول مرة عام 2021 بهدف تعزيز الحوار البنّاء بين الدول عبر مناقشة أبرز التحديات العالمية في مجالات الأمن والاقتصاد والتكنولوجيا وتغيُّر المناخ، ويُخصَّص لكل دورة شعار يُجسّد طبيعة التحديات الدولية الراهنة.
ويتميز المنتدى هذا العام بحضور عدد محدود من الولايات المتحدة وأوروبا، بينما يشهد مشاركة واسعة من دول أفريقيا والشرق الأوسط والبلقان.
شارك في المنتدى نحو 450 ممثلاً من 140 دولة، بينهم أكثر من 20 رئيس دولة وحكومة ورئيسًا برلماني، و74 وزيرًا، و23 نائب وزير، و11 نائبًا برلمانيًا. كما شارك الرئيس أردوغان ووزير الخارجية هاكان فيدان في افتتاح المنتدى رسميًا.
هذا وقد استضاف مركز “نست” للمؤتمرات في بيليك فعاليات المنتدى الذي استمر من 11 إلى 13 أبريل، ويركز على دور الدبلوماسية في حل النزاعات الإقليمية والعالمية، مع التأكيد على أهمية الحوار كأداة رئيسية لتجاوز الأزمات.
اشتمل جدول أعمال المنتدى على أكثر من 50 جلسة نقاشية تتناول قضايا متنوعة، مثل الهجرة والإرهاب والاتجار بالبشر وتغير المناخ والذكاء الاصطناعي.
وقد افتتح المنتدى بخطاب الرئيس التركي رجب طيب أر دوغان ووزير الخارجية هاكان فيدان.
خطاب أردوغان يركز على إسرائيل وسوريا
في كلمته، أكَّد الرئيس أردوغان سعي تركيا لإقامة “حزام من السلام والأمن” في المنطقة، من خلال بناء علاقات جيدة مع دول الجوار. كما أدان الرئيس التركي الحرب الإسرائيلية على غزة وانتقد السياسات الإسرائيلية، واصفاً إياها بـ ” الإرهابية”، واتهم إسرائيل بارتكاب “إبادة جماعية” بحق الشعب الفلسطيني.
وفيما يتعلق بالتوترات بين تركيا وإسرائيل في سوريا، قال أردوغان: “لا ينبغي لأحد أن يسيء فهم ضبط النفس الذي نتحلى به، أو اعتبار حرصنا على حل المشكلات بالحوار علامة ضعف”. وأضاف: “نحن على تواصل وثيق مع القوى المؤثرة في المنطقة، وعلى رأسها ترامب وبوتين، للحفاظ على وحدة الأراضي السورية”.
وفيما يتعلق بالتطورات الاقتصادية العالمية، ذكر أردوغان: “نبذل قصارى جهدنا لتجنب تحول المنافسة التجارية بزيادة التعريفات الجمركية إلى حرب مدمرة، وتركيا ستكون من بين الرابحين في هذه الحرب”.
كما يشارك في المنتدى الأمين العام لمجلس أوروبا آلان بيرسيت، والأمين العام لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا فريدون سينيرلي أوغلي.
وبحسب تقرير أوردته شبكة “Turkiye Gazetesi” كانت أبرز القضايا التي نوقشت خلال المنتدى:
الأوضاع في سوريا
على هامش منتدى أنطاليا الدبلوماسي، عقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع الرئيس السوري أحمد الشرع اجتماعًا لمناقشة الأوضاع في سوريا، وقد شارك في الاجتماع وزير الخارجية السوري أسعد حسن شيباني، ووزير الخارجية التركي هاكان فيدان، ووزير الطاقة ألب أرسلان بيرقدر.
وقد أصدرت رئاسة دائرة الاتصال التركية بيانًا حول اجتماع أردوغان والشرع في إطار منتدى أنطاليا الدبلوماسي. ووفقًا للبيان، تناول الاجتماع العلاقات الثنائية بين تركيا وسوريا والقضايا الإقليمية والعالمية.
أعرب أردوغان عن ارتياحه لعدم إعطاء فرصة لمن يريدون حدوث فوضى جديدة في سوريا، وقال إن السنوات القادمة ستكون سنوات الاستقرار والرخاء والسلام في سوريا. كما أكد أن تركيا ستواصل جهودها الدبلوماسية لرفع العقوبات الدولية عن سوريا، وأنه يجب زيادة الجهود لتنشيط التعاون التجاري والاقتصادي مع سوريا. وأشار إلى أن تركيا ستواصل دعم استقرار سوريا كما فعلت من ذي قبل.
قضيتا غزة وأوكرانيا
بات منتدى أنطاليا واجهة لدبلوماسية تركيا المتنامية، ومنصة تعكس أولوياتها السياسية، وعلى رأسها التطورات في غزة وأوكرانيا حيث شارك وزيرا خارجية روسيا وأوكرانيا، سيرغي لافروف وأندريي سيبيها، في المنتدى، إلا أنه لا يُتوقع عقد لقاء مباشر أو غير مباشر بينهما، في حين سيقدّم لافروف عرضاً حول سياسات بلاده في جلسة مخصصة في 12 نيسان/ أبريل. ومن المرتقب أن يعقد الوزير فيدان لقاءات ثنائية مع كل منهما على حدة.
كما شهد المنتدى تركيزًا مكثفًا على تطورات الأوضاع في غزة، والبحث عن سبل تحقيق سلام دائم في المنطقة حيث عقدت لجنة وزراء منظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية اجتماعاً تحت عنوان “حل الدولتين والسلام الدائم في الشرق الأوسط“، حيث تناولوا الوضع في غزة بشكل مستفيض. كما أكد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان رفض تركيا لأي خطط تهدف إلى تهجير الفلسطينيين من أراضيهم. وتُعقد هذه الاجتماعات في ظل تصاعد التوتر منذ بدء الحرب بين إسرائيل وحماس في تشرين الأول 2023، ما يمنح المنتدى أهمية إضافية باعتباره أول اجتماع للجنة المعنية في غزة يُعقد في تركيا ضمن فعالياته.
اللقاءات الثنائية
بحسب تقرير أوردته شبكة “Rudaw” عقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لقاء مع رئيس إقليم كردستان العراق نيچيرفان بارزاني على هامش فعاليات منتدى أنطاليا الدبلوماسي الرابع، وخلال اللقاء بحث الطرفان سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين تركيا وإقليم كردستان العراق في مختلف المجالات، بما في ذلك المجالات الاقتصادية والتجارية والأمنية.
ناقش الطرفان التطورات الإقليمية الأخيرة، وتبادلا وجهات النظر بشان القضايا ذات الاهتمام المشترك، خاصة فيما يتعلق بالأوضاع الأمنية في المنطقة وأكدا أهمية التعاون بين تركيا وإقليم كردستان العراق في مكافحة الإرهاب، خاصة في ظل التحديات الأمنية التي تواجه المنطقة.
ومن جانبه، عقد الرئيس السوري أحمد الشرع لقاءً آخر مع رئيس إقليم كردستان العراق نيچيرفان بارزاني حيث ناقش الجانبان سبل تعزيز العلاقات بين سوريا وإقليم كردستان العراق، والتعاون في مختلف المجالات. وتبادل الطرفان وجهات النظر بشأن القضايا الإقليمية الراهنة، بما في ذلك مكافحة الإرهاب، وتحقيق الاستقرار في المنطقة.
كما عقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الأذربيجاني إلهام علييف لقاءً ثنائيًا على هامش منتدى أنطاليا الدبلوماسي حي تناول اللقاء العلاقات الثنائية بين البلدين، بالإضافة إلى قضايا إقليمية ودولية ذات اهتمام مشترك. وذكر الرئيس أردوغان، خلال الاجتماع، أن تركيا وأذربيجان ستواصلان اتخاذ خطوات من شأنها تعزيز التعاون في العديد من المجالات، وخاصة الطاقة والنقل والصناعات الدفاعية. وأعرب عن ارتياحه لعملية السلام بين أذربيجان وأرمينيا، وأكد أن تركيا تريد أن ترى أذربيجان مهندسة للسلام في جنوب القوقاز. وشدد على أن تركيا تواصل بحذر عملية التطبيع مع أرمينيا.
فيما التقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان برئيس الجبل الأسود جاكوف ميلاتوفيتش على هامش المنتدى. وتناول الاجتماع العلاقات الثنائية بين البلدين، بالإضافة إلى القضايا الإقليمية والدولية. وقد أكد الرئيس أردوغان أهمية تطوير التعاون بين البلدين، وخاصةً في مجال التجارة.
كما التقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان برئيسة كوسوفو فيوسا عثماني على هامش المنتدى حيث جرى اللقاء في أنطاليا وكان مغلقًا أمام وسائل الإعلام.
وعلى هامش فعاليات المنتدى أيضًا، عقدت السيدة أمينة أردوغان، قرينة الرئيس التركي، اجتماعًا مع السيدة لطيفة الدروبي، قرينة رئيس الحكومة السورية المؤقتة أحمد الشرع وقد تناول اللقاء بحث مشاريع مشتركة لتحسين أوضاع المرأة والطفل في سوريا، والتأكيد على دور المرأة في إعادة الإعمار. كما تطرقتا إلى أهمية التعاون في مجال حماية البيئة، حيث وقعت السيدة الدروبي على إعلان نوايا حسنة لدعم مبادرة “الصفر نفايات العالمي“. وعبَّرت أمينة أردوغان عن أملها في أن تسهم هذه اللقاءات في تحقيق السلام والتعاون.
إلى جانب اللقاء مع الرئيس السوري، عقد الرئيس أردوغان لقاءات مع رئيس وزراء قطر ووزير خارجيتها الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ورئيس وزراء المجر فيكتور أوربان. وخلال اللقاء، أكد أردوغان على أهمية تطوير العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي من أجل أمن ورفاهية أوروبا، مشيرًا إلى أن تركيا تواصل موقفها المبدئي من أجل تحقيق سلام عادل ودائم في أوكرانيا.
وفي الختام، يعد منتدى أنطاليا الدبلوماسي منصة مهمة للحوار والتواصل بين قادة ومسؤولي العالم، حيث تتبادل الآراء ووجهات النظر بشان القضايا والتحديات التي تواجه المجتمع الدولي. وفي ظل عالم يشهد مزيدًا من الانقسامات والتحديات، تزداد أهمية هذه المنصات في تعزيز الحوار والدبلوماسية، وإيجاد حلول سلمية للأزمات.