
رعايت الله فاروقي
في 22 أبريل 2025، وقع هجوم مشبوه على السياح في منطقة باهالجام في كشمير ولم تتأخر الهند في توجيه أصابع الاتهام إلى باكستان. هذا النوع من الحوادث أصبح جزءًا من روتين السياسة الهندية حيث يتم إلقاء اللوم على باكستان بسرعة دون تقديم أدلة واضحة وتحويل الوضع إلى أجواء حرب خلال ساعات. هذه الحوادث ليست مجرد تصعيد إعلامي بل تعكس عمق التوترات بين الجارتين النوويتين في جنوب آسيا والذي يتزامن مع مشهد سياسي داخلي في الهند يختلف تمامًا عن الصورة التي تروج لها الحكومة الهندية في الخارج.
من “قوة إقليمية” إلى “مواجهة باكستان”
تتمثل إحدى أكثر المفارقات وضوحًا في السياسة الهندية في تحول الخطاب السياسي مع قرب كل انتخابات. ففي الأوقات التي تتسم فيها الأمور بالهدوء، يذهب السياسيون الهنود إلى واشنطن وموسكو وبروكسل ويعلنون عن أنفسهم كـ “القوة الإقليمية العظمى” مشيرين إلى أن الصين هي منافسهم الرئيسي. لكن عندما تقترب الانتخابات يتحول الخطاب فجأة إلى ضرورة منح الأصوات الهندية في مواجهة “تهديد” باكستان. هذا التناقض يعكس أزمة حقيقية في إدارة السياسة الداخلية حيث يطلب السياسيون في دولة أكبر بكثير من باكستان دعم الناخبين بناءً على وعود بتوفير الحماية من باكستان.
ورغم أن الهند تتفوق في مجالات مثل عدد السكان والاقتصاد والقوة العسكرية إلا أن وعود السياسيين الهنديين تبدو غريبة، خاصة عندما يطلبون الدعم على أساس أنهم هم الوحيدون القادرون على مواجهة باكستان. هذه المواقف تثير الكثير من التساؤلات حول فعالية هذه الاستراتيجيات في الانتخابات القادمة لا سيما في ظل التوترات المستمرة.
الهند والضغط الدولي: كيف تتعامل مع حرب كارجيل؟
عندما نتحدث عن الصراع بين الهند وباكستان، لا يمكن أن نتجاهل حرب كارجيل التي اندلعت في عام 1999. في تلك الحرب، كان الموقف الهندي هو أن باكستان قد تجاوزت الحدود وبدأت العدوان. لكن ما لم يتحدث عنه الإعلام بشكل واسع هو أن الهند كانت في حاجة ماسة إلى تدخل الولايات المتحدة الأمريكية لإنهاء الحرب. هذا ما يكشفه العديد من الشخصيات الهندية والأمريكية التي تناولت هذه القضية في كتبهم.
جايسونت سينغ وزير الخارجية الهندي السابق، يذكر في كتابه “A Call to Honour: In Service of Emergent India” أنه كان في تواصل مستمر مع مادلين أولبرايت وزيرة الخارجية الأمريكية آنذاك أثناء صراع كارجيل. وقد أبلغوا الولايات المتحدة بأن باكستان قد عبرت الحدود وطلبوا التدخل الأمريكي لوقف هذا العدوان. نفس الموضوع يذكره شيام سيرن سكرتير الخارجية الهندي السابق في كتابه “How India Sees the World: Kautilya to the 21st Century” حيث يصف دبلوماسية الهند الذكية التي ضمنت أن تلقي الدول الغربية اللوم الكامل على باكستان.
أما بروس رايدل المسؤول الأمريكي السابق في إدارة كلينتون، في كتابه “Avoiding Armageddon: America, India, and Pakistan to the Brink and Back” يشير إلى أن الولايات المتحدة لعبت دورًا محوريًا في إعادة باكستان إلى الوراء خلال حرب كارجيل وأجبرت نواز شريف على سحب قواته من الأراضي الهندية.
مستقبل السياسة الهندية: هل ستنقلب المعادلة؟
لكن ما يطرح تساؤلات حقيقية هو: إذا قررت الهند في المستقبل اتخاذ خطوات عسكرية ضد باكستان، هل ستتلقى نفس الدعم من الولايات المتحدة؟ الواقع السياسي الدولي يشير إلى أن الغرب بدأ في ممارسة ضغوط مستمرة على الهند خاصة بعد مواقفها الأخيرة في مجموعة “بريكس” (BRICS) حيث تم منع باكستان من الانضمام إلى هذه المجموعة بناءً على طلب الهند. هذه الضغوط تترافق مع مواقف غربية تجاه الهند وهو ما يعكس مدى تعقيد الوضع في المنطقة.
في حالة التصعيد العسكري من قبل الهند، فإن الغرب، بما في ذلك الولايات المتحدة، قد لا يتدخل لصالحها بل قد يستغل الموقف لصالحه في سياق التحولات الجيوسياسية التي يشهدها العالم. وهنا يظهر التحدي الأكبر للهند: كيف ستتعامل مع هذا الواقع الجديد حيث تجد نفسها في وضع حرج بين الضغوط الداخلية والتوقعات الدولية.
الخاتمة: في انتظار الحل الدائم
إن القضية الكشميرية التي تعد جوهر الصراع الهندي الباكستاني تظل تمثل نقطة التوتر الرئيسية في العلاقات بين البلدين. ومع دخول مجموعة “بريكس” في الصورة، أصبح واضحًا أن الحل الدائم لهذه القضية قد لا يأتي من طرف واحد بل هو يتطلب توافقًا دوليًا.
يبقى السؤال الأهم: هل ستتمكن الهند من اتخاذ الخطوات الصائبة في هذا السياق المتقلب أم أن الوضع سيتفاقم إلى حد لا يمكن الرجوع منه؟
المصدر: المقال باللغة الأردية وتم نقله إلى اللغة العربية بواسطة حسن محمود، والآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري ل UrKish News.