
فاينانشيال تايمز – بدأت الشركات العالمية الدخول في مرحلة متقدمة من تجريب تقنيات الذكاء الاصطناعي داخل عملياتها وسط توقعات بأن هذه التكنولوجيا ستعيد تشكيل سوق العمل في قطاع التكنولوجيا خلال السنوات المقبلة.
ورغم أن بعض التطبيقات—مثل روبوتات المحادثة وتحليل البيانات—أثبتت فعاليتها في تقليل التكاليف وتسريع الأداء إلا أن استخدامات أخرى ما زالت تثير الجدل. إعلان شركة “كوكاكولا” الذي استخدم الذكاء الاصطناعي في حملته الإعلانية لعيد الميلاد واجه انتقادات حادة كما أثارت مجموعة “يو بي إس” السويسرية الجدل بعد استخدامها نسخا رقمية (ديب فيك) من محلليها للتفاعل مع العملاء.
في المقابل، تتزايد المخاوف من أن يؤدي هذا التوجه إلى موجات تسريح وظيفية واسعة خصوصاً بعد إعلان “مايكروسوفت” الأسبوع الماضي عن إلغاء 6,000 وظيفة شملت مناصب في تطوير البرمجيات وإدارة المنتجات. كذلك، أعلنت منصة “دولينغو” أنها ستتبنى استراتيجية “الذكاء الاصطناعي أولاً” مما يعني تقليص التوظيف لصالح الأتمتة.
ووفقاً لمنصة “كرنشبيس” بلغ عدد المسرّحين من شركات التكنولوجيا الأمريكية أكثر من 95 ألف موظف خلال عام واحد في ظل تسارع اعتماد أدوات الذكاء الاصطناعي.
مع ذلك، يرى خبراء أن الحديث عن موجة تسريحات شاملة قد يكون مبالغاً فيه إذ أن العديد من خطط الذكاء الاصطناعي المعلنة ما تزال في طور التخطيط وليست جميعها مرتبطة بمشاريع فورية لخفض التكاليف.
ويشير محللون إلى أن بعض الشركات بدأت بالفعل في التراجع عن الاعتماد الكامل على الأتمتة كما حدث مع شركة “كلارنا” التي استبدلت مئات الموظفين بأنظمة ذكاء اصطناعي ثم عادت لاحقا لتوظيف ممثلين بشريين لتقديم الدعم للعملاء.
رغم هذه التحديات، يبقى الاتجاه نحو التوسع في استخدام الذكاء الاصطناعي واضحاً. وقال الرئيس التنفيذي لمايكروسوفت ساتيا ناديلا إن نحو 30% من الشيفرات البرمجية في الشركة تُكتب حالياً بواسطة الذكاء الاصطناعي.
وتُظهر بيانات سوق العمل في الولايات المتحدة تراجعا في فرص عمل مطوري البرمجيات إلى أدنى مستوى لها منذ خمس سنوات في حين أصبحت واحدة من كل أربع وظائف تقنية تشترط الإلمام بتقنيات الذكاء الاصطناعي.
ويرى مراقبون أن هذه التحولات ستفتح الباب أمام فرص جديدة خاصة في مجالات البرمجة والتحقق من الأنظمة وتطوير التطبيقات مؤكدين أن الذكاء الاصطناعي لن يلغي الوظائف بل سيغيّر طبيعتها.
كما يتوقع أن تستفيد الشركات الناشئة من هذا التحول في تسريع وتيرة الابتكار والنمو في وقت يشبهه البعض بفترة ما بعد انفجار فقاعة “الدوت كوم” مطلع الألفية التي تبعها انتعاش كبير في قطاع التكنولوجيا.
Web Desk