آراء و مقالات

معهد هدسون الأمريكي يرسم ملامح سياسة جديدة بين واشنطن وإسلام آباد

AA

أمينة احمد

في ظل التحديات المتصاعدة التي تشهدها الساحة الدولية، خاصة في منطقة جنوب آسيا، أصدر معهد هدسون الأمريكي تقريرا تحليليا بعنوان “إشراك باكستان في عصر جديد من السياسة الخارجية الأمريكية” (Engaging Pakistan in a New Era of US Foreign Policy).
التقرير يرسم ملامح علاقة جديدة بين واشنطن وإسلام آباد تقوم على البراجماتية والمصالح المتبادلة وتبتعد عن السياسات القديمة المبنية على الإملاءات والمساعدات المشروطة.

ويأتي هذا التقرير بعد أزمة حادة كادت أن تؤدي إلى نزاع مسلح بين الهند وباكستان في ربيع عام 2025 وهو ما أعاد تسليط الضوء على الدور الأمريكي كوسيط ضروري لمنع انزلاق المنطقة إلى حرب نووية.
ووفقًا للخبراء المشاركين في إعداد التقرير، فإن العلاقة بين الولايات المتحدة وباكستان لم تكن سهلة في أي وقت حيث تخللتها فترات من التعاون الوثيق وأخرى من التوتر والشك المتبادل.

من وجهة النظر الأمريكية، لطالما كانت هناك شكوك حول مدى التزام باكستان بمحاربة الجماعات المسلحة خصوصا تلك التي تستهدف الهند أو تتخذ من أفغانستان قاعدة لها.
في المقابل، ترى باكستان أن واشنطن تميل إلى تهميش مصالحها الأمنية وتتعامل معها كحليف وقت الحاجة فقط. ومع ذلك، يرى معدو التقرير أن هناك فرصة حقيقية لبناء شراكة أكثر واقعية ومرونة تستند إلى الملفات المشتركة بدلا من الاختلافات العقائدية.

ومن أبرز هذه الملفات التعاون الأمني، حيث تعاني المنطقة من تصاعد نشاط الجماعات المتطرفة مثل “داعش – فرع خراسان” و”طالبان باكستان”.
التقرير يشدد على أهمية إعادة تفعيل قنوات التعاون العسكري والاستخباراتي بين واشنطن وإسلام آباد مع التركيز على أمن الأسلحة النووية ومنع انتقال التكنولوجيا الحساسة إلى أطراف غير مسؤولة.

ويأخذ التقرير في الاعتبار العلاقات المتنامية بين باكستان والصين وخاصة في إطار مشروع “الحزام والطريق” مما يقلق الولايات المتحدة من تنامي النفوذ الصيني في منطقة حيوية مثل بحر العرب.
وعلى الرغم من عمق العلاقات الباكستانية-الصينية، إلا أن إسلام آباد – كما يشير التقرير – لا ترغب في الانحياز الكامل لبكين وتسعى إلى موازنة علاقاتها الدولية ما يفتح المجال أمام الولايات المتحدة للعودة اقتصاديا عبر بوابة الاستثمار لا المساعدات.

وقد تراجعت المساعدات الأمريكية لباكستان خلال السنوات الأخيرة من أكثر من ملياري دولار سنويا إلى ما يقارب 230 مليون دولار فقط في عام 2024 ما يدفع الخبراء للدعوة إلى تغيير النهج الأمريكي من المساعدات إلى الشراكات الاقتصادية.
ويمثل قطاعا التعدين والطاقة فرصة واعدة للاستثمار الأمريكي في باكستان كما يمكن أن تسهم هذه الاستثمارات في تقليص اعتماد باكستان المالي على الصين.

على صعيد التكنولوجيا، يلفت التقرير الانتباه إلى النمو السريع الذي يشهده قطاع تكنولوجيا المعلومات في باكستان حيث تجاوزت صادراته السنوية 2.6 مليار دولار معظمها موجه إلى السوق الأمريكية.
ويقترح التقرير تشجيع شركات أمريكية مثل Google وStarlink على دخول السوق الباكستانية لتوفير بديل جدي للهيمنة الصينية في هذا القطاع الحساس. كما يشير إلى أهمية التعاون في مجالات الذكاء الاصطناعي والزراعة الذكية وتخزين الطاقة.

في ختام التقرير، يوصي معهد هدسون بصياغة نهج جديد يتجنب عزل باكستان أو محاولة تغيير توجهها الاستراتيجي بالقوة. بل يشجع على تعزيز التعاون في المجالات التي تهم الطرفين مثل مكافحة الإرهاب والتجارة والطاقة والتكنولوجيا. كما يدعو إلى استمرار الدور الأمريكي كوسيط عند الأزمات والحفاظ على قنوات التواصل مع المؤسسات السياسية والعسكرية الباكستانية.

ويخلص التقرير إلى أن باكستان، بما تملكه من موقع استراتيجي وسكان يتجاوز عددهم 240 مليون نسمة ومجتمع شاب ومتعلم، تظل شريكا لا غنى عنه في معادلة الاستقرار الإقليمي وأن تجاهلها أو التعامل معها كطرف ثانوي قد يؤدي إلى نتائج عكسية تخدم خصوم الولايات المتحدة وليس مصالحها.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري ل UrKish News.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء تعطيل حاجب الإعلانات للاستمرار في استخدام موقعنا