آراء و مقالاتالذكاء الاصطناعي

انتهاء زمن الشهادات؟ الذكاء الاصطناعي يعيد صياغة معايير التوظيف

تعبيرية (techwireasia)

فريق UrKish News

في ظل التسارع المذهل لتقنيات الذكاء الاصطناعي وتوسع تأثيرها على مختلف القطاعات، لم تعد الشهادات الجامعية تحتفظ بالمكانة التي طالما تمتع بها أصحابها في سوق العمل. فقد أصبحت المهارات العملية والخبرة التقنية القابلة للتطبيق هي المعيار الأبرز في تقييم الكفاءات لا سيما في الوظائف المرتبطة مباشرة بالتكنولوجيا والبيانات.

هذا التحول أكد عليه جو أتكينسون، الرئيس العالمي للذكاء الاصطناعي في شركة الاستشارات المالية PwC حيث أشار إلى أن مؤسسات الأعمال لم تعد تركز فقط على المؤهلات الأكاديمية بل باتت تبحث عن الكفاءات القادرة على مواكبة التغير السريع في متطلبات العمل، خصوصا في مجالات مثل تحليل البيانات والتمويل حيث تشهد المهارات المطلوبة تطورا يفوق ضعف ما كان عليه قبل عام واحد فقط.

تقرير “مؤشر وظائف الذكاء الاصطناعي 2025” الصادر عن PwC كشف عن تغيّر في المهارات المطلوبة في الوظائف المتأثرة بالذكاء الاصطناعي بنسبة 66% أسرع من غيرها، في حين كانت هذه النسبة 25% فقط قبل عام. ويُظهر التقرير أن أكثر من 80% من الشركات بدأت بالاعتماد على التوظيف القائم على المهارات معتبرة أنه أكثر دقة في اختيار الكفاءات ويحقق نتائج أفضل من الطرق التقليدية التي تركز على المؤهلات الأكاديمية وحدها.

ومع وفرة أدوات التعلم الرقمي ومصادر المعرفة المفتوحة، أصبحت إمكانية الوصول إلى المهارات التقنية متاحة لشرائح واسعة من الناس حتى أولئك الذين لم يلتحقوا بتعليم جامعي تقليدي. هذا التحول يمنح فرصا جديدة لكنه في الوقت نفسه يفرض تحديات غير مسبوقة إذ لم يعد التعلم خيارا بل ضرورة مستمرة تفرضها ديناميكية السوق.

أتكينسون أشار إلى أن التعليم الجامعي لا يزال له دور مهم لكنه بات يركز على تنمية المهارات التي يصعب على الذكاء الاصطناعي محاكاتها مثل التفكير النقدي والتواصل الفعال والقدرة على العمل الجماعي. أما المهارات التقنية، فهي تُكتسب اليوم من خلال التدريب العملي والممارسة لا مجرد الحضور في القاعات الدراسية.

وأضاف أن أدوات الذكاء الاصطناعي والنماذج اللغوية الحديثة أتاحت للمتعلمين فرصة غير مسبوقة للوصول إلى محتوى معرفي عالي المستوى من منازلهم. وهذا، حسب وصفه، “يرفع سقف التوقعات من الجميع” ويُلزم كل من يسعى للمنافسة على وظائف الغد بأن يتعلم بصفة مستمرة ويطور نفسه ذاتيا.

في نظر أتكينسون، المستقبل المهني بات يُقاس بما يستطيع الفرد تقديمه في الحاضر، لا بما حصل عليه في الماضي. لذلك فإن البقاء في سوق العمل لا يتطلب فقط مهارة واحدة بل قدرة دائمة على التكيّف مع موجات التغيير المتلاحقة والاندماج مع الأدوات والتقنيات الجديدة بسرعة وفعالية.
وفي هذا السياق، شدد أتكينسون على أهمية “الانخراط العملي في استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي وتجربة النماذج الجديدة وتعلم كيفية التفاعل معها من خلال ما يُعرف بـ’الهندسة التوجيهية‘ أو Prompt Engineering“.

ما نشهده اليوم ليس نهاية التعليم الأكاديمي بل تحوّل في وظيفته. فبينما تتراجع مكانة الشهادات التقليدية كشرط للتوظيف، تتقدم المهارات العملية كجواز مرور أساسي في بيئة عمل يقودها الذكاء الاصطناعي وتُدار بالسرعة والتجربة أكثر من الورق والألقاب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء تعطيل حاجب الإعلانات للاستمرار في استخدام موقعنا