
فريق UrKish News
بينما تحتدم المواجهة العسكرية بين إسرائيل وإيران وتلوح الولايات المتحدة بخيارات عسكرية مفتوحة، تجد طهران نفسها في موقف حساس، تُختبر فيه قوة تحالفاتها الإقليمية والدولية. فالتهديدات الأمريكية المتصاعدة المدعومة بتأييد أوروبي علني، تضع إيران أمام معادلة صعبة: المواجهة منفردة أم الدفع بحلفائها إلى ساحة الصراع؟
إيران لطالما اعتمدت على ما يُعرف بـ”محور المقاومة” كأداة استراتيجية غير مباشرة للردع وفرض النفوذ. هذا المحور الممتد من لبنان إلى اليمن مرورا بالعراق وسوريا وغزة، شكّل عمقا دفاعيا ساعد طهران على تجنب مواجهات مباشرة مع خصومها. إلا أن المعطيات الميدانية خلال العامين الأخيرين تشير إلى تآكل حاد في فعالية هذا المحور.
في لبنان، تعرض حزب الله لخسائر فادحة شملت تدمير مخازن أسلحة نوعية واغتيال زعيمه حسن نصر الله وهو ما أحدث خللا في توازن الردع الذي بنته إيران عبر الحزب لسنوات. أما في سوريا، فقد أدّى انهيار نظام بشار الأسد إلى انسحاب الميليشيات الإيرانية وتراجع نفوذ طهران في دولة كانت تمثّل محورا استراتيجيا لها في قلب المشرق.
في المقابل، لا تزال إيران تحتفظ بنفوذ عسكري وسياسي ملموس في كل من العراق واليمن. فالحشد الشعبي العراقي الذي يُقدّر عدد مقاتليه بنحو 200 ألف ما زال حاضرا بقوة على الأرض وسط تهديدات صريحة باستهداف القوات الأمريكية المنتشرة في البلاد إذا تدخلت واشنطن عسكريا في الحرب. كذلك، يحتفظ الحوثيون في اليمن بترسانة صاروخية ومسيّرات هجومية وقد أظهروا قدرة عملياتية في ضرب أهداف في البحر الأحمر ومحيطه.
إلا أن اللافت حتى الآن هو تردد هذه الجماعات في الانخراط المباشر في حرب مفتوحة إلى جانب إيران. وقد يكون هذا نابعا من حسابات داخلية تخص كل جماعة أو من قرار مركزي إيراني بتجنّب إشعال الجبهات كلها دفعة واحدة، وفق تقرير نشره موقع “Asia Times“.
في المشهد الإسلامي الأوسع، تبرز باكستان كفاعل محوري كونها الدولة الإسلامية الوحيدة التي تمتلك سلاحا نوويا ولها علاقات متوازنة مع طهران. وقد صدرت عن إسلام آباد تصريحات داعمة لإيران وصف فيها رئيس الوزراء شهباز شريف الهجمات الإسرائيلية بـ”العدوان”، بينما حذّر وزير الدفاع من استفزاز بلاده.
لكن رغم هذه المواقف، لا مؤشرات فعلية على نية باكستان التورط عسكريا حيث تبدو أكثر ميلا نحو احتواء الصراع عبر أدوات دبلوماسية وبالتنسيق مع الصين، حليفتها الاستراتيجية.
على صعيد العالم العربي ورغم التحسن الظاهري في علاقات طهران مع دول مثل السعودية ومصر، فإن المواقف الرسمية اتسمت بالحياد الحذر. وقد أصدرت نحو عشرين دولة إسلامية بيانات إدانة للهجمات الإسرائيلية ودعوات لوقف التصعيد دون أي التزامات مادية أو سياسية لصالح إيران.
دوليا، تواصل روسيا والصين لعب دور الداعم السياسي لطهران من خلال مواقف رافضة للضربات الإسرائيلية ودفاع مستمر في مجلس الأمن عن إيران. إلا أن كِلا البلدين لا يظهران استعدادا واضحا للانخراط في مواجهة عسكرية إلى جانبها. روسيا المنشغلة في حرب أوكرانيا، ليست في وارد فتح جبهة جديدة بينما تفضّل بكين الحفاظ على مصالحها الاقتصادية في الخليج وممرات الطاقة وتدعو إلى التهدئة بدلا من التصعيد.
ورغم هذا التردد، فإن احتمال تحوّل الأزمة إلى محاولة لتغيير النظام في طهران قد يُعيد خلط الأوراق. فزعزعة الاستقرار في إيران لا يصب في مصلحة موسكو أو بكين خاصة وأنها تمثل قاعدة محورية في توازنات “محور الشرق” الذي تسعى الدولتان لبنائه في مواجهة الهيمنة الغربية.
في المحصلة، تُظهر إيران حتى الآن قدرا من الصمود السياسي والقدرة على المناورة لكنها تواجه معضلة استراتيجية: حلفاؤها يتعاطفون لكن لا يتحركون. والدعم الدبلوماسي متوفر لكن الغطاء العسكري غائب.
وفي حال قررت الولايات المتحدة التدخل، فإن طهران ستكون أمام لحظة الحقيقة: إما أن تنجح في تعبئة محيطها لمواجهة شاملة أو أن تجد نفسها كما يلوّح البعض في واشنطن، تقاتل وحيدة في معركة قد تحدد مستقبلها السياسي والجيواستراتيجي في الشرق الأوسط.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري ل UrKish News.