
شهد عام ٢٠٢٥م جدلا واسعا حيال موقف تركيا المناهض لإسرائيل سواء داخليا أم خارجيا، ولاسيما في ظل استمرار الحرب في غزة وتزايد الضحايا المدنيين مما دفع الحكومة التركية لاعتماد لهجة شديدة واتخاذ بعض الخطوات العملية. ومع ذلك، يبقى التساؤل إن كانت هذه الخطوات شكلت نقطة تحول حقيقية وهو ما ظل قضية مطروحة في السياسة والرأي العام التركي.
خلال الأشهر الماضية، جمدت تركيا فعليا علاقاتها مع إسرائيل. ففي ٢ مايو ٢٠٢٥م، عُلقت كافة أنشطة الاستيراد والتصدير مع إسرائيل وأُعلن استمرار هذه العقوبات الاقتصادية ريثما تُحقق هدنة دائمة في غزة وتُسهل إيصال المساعدات الإنسانية دون عوائق. وشددت الحكومة ووزارة الخارجية أن “إسرائيل تنتهك القانون الدولي” و”تهدد سلام المنطقة” وأن “تركيا لن تصمت إزاء هذا الإرهاب الحكومي”.
ورغم ذلك، فإن تركيا لم توقع في يوليو على خطة “مجموعة لاهاي” التي ترمي إلى فرض عقوبات جماعية على إسرائيل. وفسرت حكومة حزب العدالة والتنمية هذا الموقف بأن “تركيا تطبق أصلا عقوبات أوسع وأشمل ضد إسرائيل وتتبنى سياسة مستقلة”.
وشددت وزارة الخارجية على أن تركيا لا تتحرك فقط ضمن المبادرات الدولية، بل تتخذ أيضًا مواقف وإجراءات منفردة ضد الجرائم الإسرائيلية في غزة. ومن أبرز هذه الإجراءات: سحب السفير التركي من تل أبيب، تعليق التعاون العسكري، دعم دعوى جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية بخصوص الإبادة الجماعية وتكثيف المساعدات الإنسانية لغزة وفق تقرير أورده موقع “Sotkurdistan“.
على الصعيد الآخر، توجه المعارضة وبعض منظمات المجتمع المدني انتقادات للحكومة معتبرة أن المواقف الراهنة ضد إسرائيل تقتصر على التصريحات دون إجراءات فعلية حقيقية وأن استمرار بعض العلاقات الاقتصادية والعسكرية يُعد تناقضًا. وطالبت أحزاب مثل الشعب الجمهوري والسعادة باتخاذ خطوات أشد كفرض حظر كامل على السلاح وقطع جميع العلاقات وإبعاد السفير الإسرائيلي.
ويشير بعض المحللين السياسيين إلى أن تركيا تسعى لتحقيق توازن في سياستها تجاه إسرائيل فهي من جهة تؤكد دعمها السياسي والإنساني لفلسطين ومن جهة أخرى تدفعها اعتبارات استراتيجية واقتصادية لعدم قطع جميع الروابط. كما تقوم علاقات تركيا مع الولايات المتحدة وضرورات التعاون الأمني الإقليمي بدور فاعل في هذا التوازن.
باختصار، تواصل تركيا حتى منتصف ٢٠٢٥م تصعيد خطابها وإجراءاتها ضد إسرائيل لكن دون تجاوز الخطوط الحمراء التي تفرضها الحسابات الداخلية والخارجية. ومن المُرتَقب أن تواصل تطورات غزة والقرارات القضائية الدولية رسم حدود السياسة التركية مستقبلا تجاه إسرائيل.
كتابة وإعداد: د. هشام سيد علي، أستاذ اللغة التركية
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري ل UrKish News.