آراء و مقالات

هل يتحول الصراع في غزة إلى حرب أوسع على الشرق الأوسط؟

تعبيرية (economist)

فريق UrKish News

يسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى فرض مشروع توسعي يتجاوز حدود فلسطين ليشمل دولا عربية مجاورة. حرب غزة تمثل المدخل العملي لهذا المشروع حيث بدأ باستخدام سياسة الإبادة والتجويع لتركيع السكان وخلق واقع جديد يخدم تصوره لـ”إسرائيل الكبرى“.

المسار القانوني في محكمة العدل الدولية أظهر تباطؤا متعمدا. جنوب أفريقيا رفعت دعوى تتهم إسرائيل بالإبادة الجماعية لكن المحكمة منحت تل أبيب مهلا متتالية لتأجيل المحاسبة. من المتوقع ألا يصدر الحكم النهائي قبل سنوات ما يمنح إسرائيل وقتا إضافيا لتكريس استراتيجيتها. في هذه الفترة، قُتل مئات الفلسطينيين جوعا بينهم أطفال، بينما استمرت عمليات القصف على نطاق واسع.

وثائق مسربة كشفت أن نتنياهو ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر دفعا نحو سياسة تجويع غزة رغم اعتراضات من المؤسسة العسكرية والأمنية. لاحقا نفى نتنياهو ذلك وادعى أن ما يجري “حملة تشويه ضد اليهود” بينما ساند الجيش روايته متجاهلا الأدلة الإنسانية والأممية على تفاقم الكارثة.

المحكمة الجنائية الدولية واجهت التعطيل نفسه. مذكرات توقيف كانت جاهزة ضد نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت جُمّدت بعد حملة ضغط طالت المدعي العام كريم خان واتهامات وُجهت له بشكل يثير الشكوك. مذكرات أخرى ضد وزراء مثل بن غفير وسموتريتش لم ترَ النور. وزادت الولايات المتحدة الوضع تعقيدا بفرض عقوبات على شخصيات قضائية دولية.

اقتصاديا، المفارقة واضحة. دول تنتقد المجازر ما زالت تحتفظ بعلاقات تجارية مع إسرائيل. جنوب أفريقيا التي رفعت الدعوى تواصل بيع الفحم لتل أبيب. تركيا سمحت بمرور النفط الأذري عبر ميناء جيهان ليصل إلى الطائرات الإسرائيلية التي تشارك في الحرب. هذا التناقض جعل إسرائيل قادرة على الاستفادة من شبكة مصالح إقليمية ودولية تحميها من العزلة الكاملة.

خبراء في القانون الدولي أكدوا أن ما يحدث في غزة يطابق تعريف الإبادة الجماعية. القتل الممنهج، الإيذاء النفسي والجسدي وفرض ظروف معيشية تؤدي إلى التدمير الكامل للسكان.
الأكاديمي راز سيغال وصف الوضع بأنه “نموذج مثالي للإبادة” فيما أوضح عمر بارتوف أن الهدف الأساسي هو جعل غزة غير قابلة للحياة لا تدمير حماس ولا تحرير الرهائن كما تدّعي إسرائيل، وفق ما أشار إليه ديفيد هيرست في مقال نشره موقع “MEE” البريطاني.

الخطاب الغربي يركّز على نتنياهو وبن غفير وسموتريتش بوصفهم المسؤولين الرئيسيين. لكن هذا التركيز يخفي أن المشروع أوسع وأقدم قائم على فكرة “إسرائيل الكبرى“. نتنياهو عبّر بوضوح عن ارتباطه بخريطة “أرض الميعاد” التي تشمل فلسطين والأردن ولبنان وأجزاء من مصر وسوريا والعراق والسعودية. وزراء في حكومته تحدثوا عن ضم دمشق بل وأشار بعضهم إلى مكة والمدينة وسيناء.

إقرأ أيضا: من كييف إلى غزة: معركة واحدة تكتب نهاية النفوذ الغربي في العالم؟

اليوم تملك إسرائيل قوة عسكرية قادرة على فرض هذا المشروع تدريجيا. إبادة غزة ليست حدثا عابرا بل خطوة ضمن استراتيجية توسعية طويلة المدى. من غير المتوقع أن يتراجع أي زعيم إسرائيلي عن السيطرة على الضفة أو القدس أو الجولان. وهذا يجعل الخطر يتجاوز الفلسطينيين ليهدد أمن المنطقة بأكملها.

التجربة أثبتت أن المفاوضات لا توقف التوسع الإسرائيلي وأن الاعتماد على واشنطن غير مجد. الخيار الواقعي أمام دول الشرق الأوسط هو بناء تحالف أمني إقليمي بقدرات عسكرية مشتركة يفرض على إسرائيل كلفة حقيقية لتجاوزاتها. من دون هذا التحرك، سيواصل نتنياهو مشروعه على حساب الفلسطينيين ودول الجوار.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري ل UrKish News.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى