
جرت العادة أن يستقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي قادة الدول في قصر الاتحادية بمصر الجديدة، وخلفه خريطة القُطر المصري؛ وهي صورة تعبِّر عن الدولة المصرية بكل مكوناتها. ولكن هذه المرة الأولى التي يستقبل فيها الرئيس السيسي قادة الدول في قصر الرئاسة الجديد بالعاصمة الإدارية؛ مما يشير إلى بداية استخدام خرائط جديدة وفقًا لطبيعة العلاقة مع الرئيس الزائر، وهو ما يعكس تغيُّرًا في رسائل القيادة السياسية.
هذه المرة، استُبدلت الخريطة الشهيرة لمصر بخريطة لمدينة الإسكندرية تمتد من عصر الإسكندر الأكبر حتى العصر الحديث، وهو ما أثار الكثير من التكهنات حول مغزى هذه الخريطة.
أشار الباحث في تاريخ مصر، حسن حافظ، إلى أن هذه الصورة تحمل رسائل رمزية متعددة.
في البداية، يمكن أن ترمز الإسكندرية إلى واحة التقاء الحضارات والتمازج الثقافي، مما يعكس إمكانية تحسين العلاقات بين شعوب البحر المتوسط، بما في ذلك مصر وتركيا.
كما أن الإسكندرية تحمل رمزية سياسية قوية؛ حيث كانت مركزًا للإمبراطورية البطلمية التي سيطرت على أجزاء كبيرة من البحر المتوسط، بما في ذلك الجزر اليونانية.
كما تشكّل الإسكندرية رمزية سياسية قوية كونها مقر الإمبراطورية البطلمية التي سيطرت على كافة الأجزاء الشرقية للبحر المتوسط بما في ذلك جزر يونانية، بما يعني أن الرسالة السياسية حاضرة بأن بديل التوافق والحوار هو القوة الحاضرة في الحالة المصرية كونها تمتلك أحد أكبر الأساطيل البحرية الحربية في المتوسط.
وتأتي هذه الرسائل في وقت تسعى فيه القاهرة وأنقرة إلى ترميم علاقاتهما الثنائية بعد فترة من التوتر خصوصًا في ملف البحر المتوسط. ذلك بسبب الخلاف على ترسيم الحدود البحرية بين مصر وتركيا وقبرص واليونان، فضلاً عن توزيع ثروات منطقة شرق المتوسط الغنيَّة بالغاز الطبيعي، الأمر الذي أثار توترات بين القاهرة وأنقرة في فترات سابقة.
لكن الآن تبدو العلاقات المصرية التركية في حالٍ أفضل، ما يعزز فرضية أن الهدف من ظهور خريطة الإسكندرية في هذا اللقاء هو التأكيد على سياسة التعاون والحوار بين البلدين بدلاً من الصراع، رغم تأكيد مصر على استعدادها للدفاع عن مصالحها الاستراتيجية إذا لزم الأمر.
كتابة وإعداد: ميرنا محمود