آراء و مقالاتإيران

إسرائيل وإيران على مسار مواجهة جديدة: قراءة في خلفيات التصعيد واحتمالات الحرب

تعبيرية (thehindu)

حسن محمود

تتصاعد حدة التوتر بين إسرائيل وإيران بصورة متسارعة في ظل فشل جولة القتال الأخيرة التي استمرت 12 يوما في تحقيق حسم استراتيجي لأي طرف. ورغم الخسائر التي تكبدتها طهران، فإن خطابها الداخلي ركز على فكرة الصمود والقدرة على الاستمرار، في حين ترى إسرائيل أن خصمها لم يتراجع بل يعيد ترتيب أوراقه استعدادا لمواجهة قادمة.

المسار الدبلوماسي الذي شكّل خلال السنوات الماضية متنفسا للأزمة وصل إلى طريق مسدود. المفاوضات النووية توقفت والعقوبات أعيد تفعيلها عبر آلية “السناب باك” وهو ما عزز مناخ المواجهة وأضعف احتمالات الحل السياسي. واشنطن لم تعد تضغط كما في السابق لدفع المفاوضات إلى الأمام فيما اتسعت الهوة بين شروط الغرب ومطالب إيران ما جعل الخيار العسكري أكثر حضورا في حسابات صناع القرار.

على الجانب الإيراني، لم تعد القيادة تكتفي بالرهان على الصمود بل تعمل على تطوير ترسانتها الصاروخية وتوسيع قدرات الدفاع الجوي، إلى جانب محاولات للحصول على أنظمة متقدمة من روسيا والصين.
هذا التطور العسكري يمنح طهران قدرة إضافية على الرد والتهديد بالتصعيد المباشر ضد العمق الإسرائيلي وهو ما تعلن عنه بشكل متكرر في خطابها الإعلامي.

إسرائيل بدورها تواجه معضلات جديدة. عنصر المفاجأة الذي اعتمدت عليه في الجولة السابقة لن يكون متاحا وإيران تبدو أكثر استعدادا لردع أي هجوم.
الدعم الأميركي التقليدي لإسرائيل قد يتراجع مع انشغال واشنطن بملفات أخرى مثل أوكرانيا ما يضع تل أبيب أمام خيار إدارة الحرب بقدراتها الذاتية وتحمل كلفتها الاقتصادية والسياسية. كما أن الانقسامات الداخلية داخل إسرائيل تضيف عاملا إضافيا قد يحد من فاعلية القرار العسكري، بحسب تقرير نشره موقع “Israel Hayom“.

أي مواجهة جديدة لن تشبه ما سبق. فإيران تبدو قادرة على استهداف العمق الإسرائيلي بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة في حين أن الضربات الجوية الإسرائيلية لن تكون كافية لتدمير البنية التحتية النووية أو لوقف التقدم التقني الإيراني.
حرب طويلة قد تتحول إلى صراع استنزاف مزدوج لكنها قد تصب في مصلحة طهران التي تراهن على مساحتها الجغرافية الكبيرة وقدرتها على الصمود.

الأبعاد الإقليمية والدولية تزيد من تعقيد المشهد. دول الخليج تراقب بقلق احتمالات التصعيد لما له من أثر مباشر على أمن الطاقة والملاحة.
روسيا والصين تنظران إلى إيران كأداة ضغط على الغرب وقد توفران لها دعما عسكريا وتقنيا. أما الولايات المتحدة، فستظل ملتزمة بأمن إسرائيل لكنها قد تتجنب التورط المباشر في صراع واسع بالشرق الأوسط.

في المحصلة، تبدو إسرائيل وإيران على مسار تصادمي جديد، تغيب عنه فرص التسوية السياسية وتتزايد فيه احتمالات الحرب الشاملة. كلا الطرفين يراهن على قدراته العسكرية لكن نتائج أي حرب مقبلة تبقى غير مضمونة. الواضح أن المواجهة القادمة ستكون أعنف وأكثر تكلفة وأن غياب الرؤية السياسية لدى الجانبين يضاعف مخاطر الانزلاق إلى صراع مفتوح قد يغير موازين المنطقة لسنوات قادمة.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري ل UrKish News.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى