
فريق UrKish News
تتحرك باكستان بخطى محسوبة نحو مشروع بحري ضخم في مدينة باسني على ساحل مكران في محاولة لإعادة تموضعها في معادلة النفوذ الإقليمي وتحقيق توازن بين شريكيها التقليديين، الولايات المتحدة والصين.
وبحسب صحيفة فاينانشال تايمز، تقدّم المشير عاصم منير، رئيس الأركان العامة للجيش الباكستاني، بعرض رسمي لتطوير وتشغيل ميناء عميق في باسني بتمويل يقدّر بنحو 1.2 مليار دولار.
المشروع الذي تم بحثه على مستويات عليا في إسلام آباد وواشنطن يهدف إلى إنشاء مركز رئيسي لتصدير المعادن الحيوية مثل النحاس والأنتيمون التي تدخل في الصناعات التكنولوجية والعسكرية المتقدمة.
يقع الميناء على بُعد نحو 100 ميل من الحدود الإيرانية و70 ميلًا من ميناء جوادر الذي تموله الصين ما يمنحه موقعًا استراتيجيًا حساسًا على بحر العرب. التمويل المقترح للمشروع يجمع بين الحكومة الباكستانية وصناديق تنمية أمريكية مع خطة لمدّ خط سكة حديد يربط الميناء بمناجم ريكو ديق الغنية بالنحاس والذهب في إقليم بلوشستان.
التحرك يأتي في وقت تسعى فيه باكستان لتخفيف اعتمادها على الصين بعد سنوات من الاعتماد على الاستثمارات المرتبطة بالممر الاقتصادي الصيني الباكستاني (CPEC) الذي ضخت فيه بكين أكثر من 60 مليار دولار منذ عام 2013.
في المقابل، تُظهر واشنطن اهتمامًا متزايدًا بالموارد المعدنية الباكستانية. فقد وقّعت شركة US Strategic Metals الأمريكية مذكرة تفاهم مع الهيئة الهندسية التابعة للجيش الباكستاني لتطوير منشآت تكرير قرب كراتشي وجوادر وأرسلت باكستان بالفعل أول شحنة من المعادن الحيوية إلى الولايات المتحدة الشهر الماضي.
ويرى محللون أن المشروع يمنح واشنطن فرصة لتعزيز وجودها الاقتصادي في بحر العرب في وقت يتيح لباكستان توسيع هامش مناورتها بين الصين والولايات المتحدة دون الدخول في مواجهة مباشرة مع أي منهما.
لكن التحديات تبقى قائمة. فميناء باسني يعاني منذ عام 2003 من مشاكل فنية بسبب تراكم الطمي وتعطل الأرصفة، إضافة إلى هشاشة الوضع الأمني في بلوشستان حيث تنشط جماعات انفصالية مصنفة إرهابية من قبل واشنطن.
خبراء عسكريون عبّروا عن تشككهم في جدوى المشروع بالنسبة للولايات المتحدة معتبرين أن واشنطن تملك بالفعل وجودًا قويًا في المنطقة من خلال أسطولها الخامس في البحرين وأن أي تحرك جديد قرب ميناء جوادر قد يثير توترًا إقليميًا.
ويرى الدكتور حسين عبيدي، رئيس مجلس البحوث العلمية والصناعية الباكستاني، أن الخطة تمثل محاولة لإعادة صياغة العلاقات مع واشنطن على أسس اقتصادية لا أمنية معتبرًا أنها تحول في نهج السياسة الخارجية لإسلام آباد.
يبقى مشروع ميناء باسني اختبارًا لقدرة باكستان على تحقيق توازن دقيق بين مصالحها الاقتصادية وطموحاتها الجيوسياسية. نجاحه قد يجعل من باسني مركزًا جديدًا في خريطة النفوذ البحري بجنوب آسيا بينما فشله قد يعيد البلاد إلى دائرة التبعية الاقتصادية والتوترات الإقليمية.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري ل UrKish News.