علم و تكنولوجيا

هل يجعلنا الذكاء الاصطناعي أقل ذكاءً؟

دراسة جديدة تكشف تأثير الإفراط في الاعتماد على الذكاء الاصطناعي على مهارات التفكير النقدي

صورة تعبرية (alexgrangel)

في عصر تتسارع فيه وتيرة التطور التكنولوجي أصبح الذكاء الاصطناعي التوليدي جزءاً لا يتجزأ من بيئات العمل الحديثة حيث يسهم في تسهيل المهام اليومية وزيادة الإنتاجية. لكن دراسة حديثة أجراها باحثون من شركة مايكروسوفت وجامعة كارنيجي ميلون تثير تساؤلات جدية حول تأثير هذا الاعتماد المتزايد على قدرات الإنسان الذهنية، وتحديداً مهارات التفكير النقدي، بحسب تقرير نشره موقع “تك كرانش” (TechCrunch)

تحت عنوان “هل يمكن أن يؤدي الاعتماد على الذكاء الاصطناعي إلى تدهور القدرات الإدراكية؟” تشير الدراسة إلى أن الاستخدام غير السليم للتكنولوجيا قد يؤدي إلى تراجع القدرات العقلية التي ينبغي الحفاظ عليها وتطويرها. وجاء في التقرير: “عند استخدام التقنيات بشكل غير صحيح، يمكن أن تؤدي إلى تدهور القدرات الإدراكية التي يجب الحفاظ عليها.”

الذكاء الاصطناعي: أداة مساعدة أم عقبة أمام التفكير النقدي؟

شملت الدراسة 319 موظفاً يستخدمون الذكاء الاصطناعي التوليدي مرة واحدة على الأقل أسبوعياً في أداء مهامهم المهنية. طُلب منهم تقديم أمثلة عن كيفية استخدامهم لهذه التقنية والتي توزعت بين ثلاث فئات رئيسية:

إنشاء المحتوى: مثل كتابة رسائل بريد إلكتروني رسمية أو إعداد تقارير.
البحث المعلوماتي: مثل تلخيص مقالات طويلة أو البحث عن موضوعات محددة.
طلب النصائح: مثل استشارات مهنية أو إنشاء رسوم بيانية باستخدام بيانات متوفرة.

عند تحليل النتائج، تبيّن أن 36% فقط من المشاركين أفادوا بأنهم يستخدمون مهارات التفكير النقدي لتفادي النتائج السلبية المحتملة من الاعتماد على الذكاء الاصطناعي. على سبيل المثال، أشارت إحدى المشاركات إلى أنها استخدمت ChatGPT لكتابة تقييم أداء وظيفي لكنها راجعت المخرجات بدقة لتجنب ارتكاب خطأ قد يؤثر على مسيرتها المهنية. وفي حالة أخرى، اضطر موظف لتعديل رسائل بريد إلكتروني أنشأها الذكاء الاصطناعي لتتناسب مع ثقافة العمل التي تعزز التسلسل الهرمي واحترام كبار السن.

ثقة زائدة تقلل من الجهد الذهني

من المثير للاهتمام أن الدراسة وجدت علاقة عكسية بين مستوى الثقة في الذكاء الاصطناعي ومقدار الجهد المبذول في التفكير النقدي. فكلما زادت ثقة المستخدم في قدرات الذكاء الاصطناعي قلّ اعتماده على مهاراته الشخصية في التقييم والتحليل. في المقابل، أظهر المشاركون الذين وثقوا بقدراتهم الذاتية مستوى أعلى من التفكير النقدي عند استخدام هذه الأدوات.

وفي كثير من الحالات، لجأ المستخدمون للتحقق من صحة المعلومات التي قدمها الذكاء الاصطناعي عبر مصادر أخرى مثل YouTube وWikipedia مما يثير تساؤلات حول جدوى الاعتماد على هذه التقنية لتوفير الوقت والجهد.

الوعي بمحدودية الذكاء الاصطناعي: الخطوة الأولى نحو استخدام أكثر ذكاءً

تؤكد الدراسة أن فهم حدود الذكاء الاصطناعي يمثل عاملاً حاسماً في تجنب الاعتماد المفرط عليه. وجاء في التقرير: “يمكن أن تحفز الأضرار المحتملة الناتجة عن مخرجات الذكاء الاصطناعي التفكير النقدي لكن هذا يحدث فقط إذا كان المستخدم واعياً لهذه الأضرار.”

ورغم أن الباحثين لم يذهبوا إلى حد القول إن الذكاء الاصطناعي يجعلنا “أغبياء” إلا أنهم حذروا من أن الإفراط في الاعتماد عليه قد يؤدي إلى تراجع القدرة على حل المشكلات بشكل مستقل مما يضعف ما يمكن تسميته بـ “العضلات الذهنية” التي تتطلب ممارسة مستمرة للحفاظ على قوتها.

وفي الختام، قدم هذه الدراسة رؤية متوازنة حول تأثير الذكاء الاصطناعي على القدرات الذهنية للبشر. فهو بلا شك أداة قوية تسهم في تعزيز الإنتاجية وتسهيل العمل لكنه ليس بديلاً عن التفكير النقدي أو اتخاذ القرارات المعقدة. ربما يكون التحدي الحقيقي اليوم هو كيفية تحقيق توازن بين الاستفادة من مزايا الذكاء الاصطناعي والحفاظ على قدراتنا العقلية بحيث نستخدم التكنولوجيا كوسيلة لتعزيز التفكير لا كعكاز نركن إليه في كل موقف.

Web Desk

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء تعطيل حاجب الإعلانات للاستمرار في استخدام موقعنا