عامر خاكواني

أثار المفكر الباكستاني أحمد جاويد جدلًا واسعًا بمواقفه الصريحة تجاه الأحداث الأخيرة في غزة خصوصًا بشأن دور حركة حماس في الصراع مع إسرائيل. جاويد المعروف بآرائه النقدية العميقة وصف هجوم 7 أكتوبر بأنه “عدواني وظالم وغير إسلامي” معتبرًا أن دعم حماس ليس مجرد مساندة للمقاومة بل قد يكون في بعض الأحيان تصرفًا غير محسوب العواقب.
يُعد أحمد جاويد من أبرز المفكرين المعاصرين في باكستان حيث جمع بين الاهتمام بالفكر الفلسفي ودراسات إقبال والنقد الأدبي والشعر. انتماؤه الفكري يعود إلى مدرسة الأديب والمفكر الراحل سليم أحمد وهو أحد الأسماء البارزة في المشهد الأدبي والفكري في كراتشي. وتمتد هذه المدرسة الفكرية لتتصل برؤى وتحليلات الأستاذ حسن عسكري ما يجعلها جزءًا من تيار فكري عميق التأثير.
برز أحمد جاويد في المشهد الثقافي بفضل تحليلاته العميقة التي تتناول قضايا الفكر الإسلامي والتجديد والفلسفة إلى جانب آرائه النقدية الجريئة. كما أنه كان جزءًا من حلقة فكرية تضم أسماءً لامعة مثل سراج منير وسجاد مير الذين يعدّون من تلاميذ سليم أحمد.
يرى جاويد أن حماس ارتكبت خطأ استراتيجيًا كبيرًا عندما أقدمت على تنفيذ هجوم واسع النطاق دون امتلاك ميزان قوى يمكنها من تحمل العواقب. وفقًا له فإن تكلفة هذا الهجوم كانت مرتفعة للغاية خاصة مع العدد الكبير من الضحايا المدنيين بمن فيهم الأطفال. ويؤكد أن الإسلام لا يبرر التضحية بالأبرياء لأجل أهداف سياسية أو عسكرية غير مضمونة النجاح.
لم تقتصر انتقاداته على حماس وحدها بل طالت إيران أيضًا حيث اعتبر أن الأخيرة شجعت حماس وحزب الله على اتخاذ مواقف تصعيدية دون أن تكون مستعدة لدعمهم عمليًا عند الحاجة. في رأيه كانت إيران تقدم وعودًا كبرى لكنها تخلت عن حلفائها في لحظة المواجهة الحاسمة مما يضعف مصداقية موقفها السياسي والعسكري.
أحد أكثر تصريحاته إثارة للجدل كان مقارنته لقدرة حماس على إخفاء الرهائن بأساليب العصابات الإجرامية مثل مهربي المخدرات. هذا التشبيه أثار انتقادات واسعة حيث اعتبره البعض تقليلًا من شأن المقاومة الفلسطينية بينما رأى آخرون أنه مجرد محاولة لتسليط الضوء على الجوانب الأخلاقية في الصراع.
جاويد أصر على أن تفادي إسرائيل لقصف مواقع الرهائن لم يكن بسبب تفوق تكتيكي لحماس بل بسبب قيود سياسية وعسكرية دولية وهو ما اعتبره البعض تقليلًا من إنجازات المقاومة.
رغم أن انتقادات جاويد قد تبدو عقلانية من منظور استراتيجي إلا أن العديد من المحللين يشيرون إلى أنه لم يأخذ في الاعتبار السياق النفسي والاجتماعي لسكان غزة. هناك عدة عوامل أساسية يجب مراعاتها عند تحليل موقف حماس:
الدعم الشعبي الواسع لحماس: رغم الدمار الذي حلّ بغزة، لم تصدر انتقادات فلسطينية تُذكر ضد حماس سواء داخل القطاع أو في الشتات. حتى في الضفة الغربية حيث تسيطر السلطة الفلسطينية لم يكن هناك رفض شعبي واسع لأفعال حماس مما يعكس دعمًا عامًا للمقاومة.
التضحيات الكبيرة: لم يكن المدنيون وحدهم من دفعوا الثمن بل قدمت حماس قيادتها السياسية والعسكرية قربانًا لهذه المواجهة. التنظيم فقد عددًا كبيرًا من قياداته وكوادره وهو ما يعكس التزامًا حقيقيًا بالمقاومة.
الحالة النفسية لسكان غزة: لسنوات طويلة، عانى الفلسطينيون في غزة من حصار خانق وظروف معيشية قاسية. بالنسبة للعديد منهم لم يكن لديهم ما يخسرونه مما جعل تصعيد الموقف خيارًا مقبولًا في نظرهم.
استمرار المقاومة رغم الخسائر: رغم الضربات القوية التي تلقتها لم تفقد حماس إرادتها القتالية بل أثبتت أنها لا تزال قوة مؤثرة. كثيرون يرون أن مجرد استمرارها في القتال رغم التفوق الإسرائيلي يُعد انتصارًا في حد ذاته.
لا شك أن أحمد جاويد مفكر جريء يحمل رؤية نقدية خاصة به لكن بعض مقارناته بدت قاسية وغير منصفة خصوصًا عند تشبيه حماس بالعصابات الإجرامية. مع ذلك لا ينبغي أن يقابل رأيه بالتخوين أو الهجوم الشخصي بل بالنقاش العلمي الموضوعي.
الاختلاف في الرأي حول حماس والمقاومة الفلسطينية يجب أن يكون قائمًا على الحوار العقلاني والتحليل العميق لا على ردود الفعل العاطفية. فالقضية الفلسطينية تظل من أكثر القضايا تعقيدًا وأي نقاش حولها يجب أن يراعي جميع الأبعاد السياسية والعسكرية والإنسانية.
في النهاية، سواء اتفقنا أو اختلفنا مع أحمد جاويد فإن مواقفه توفر فرصة لنقاش أوسع حول استراتيجيات المقاومة وأخلاقياتها وهو أمر تحتاجه الأمة الإسلامية لفهم مستقبل القضية الفلسطينية بشكل أكثر واقعية وعمق.
المصدر: المقال باللغة الأردية وتم نقله إلى اللغة العربية بواسطة ثاقب حسين والآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري ل UrKish News.