آراء و مقالات

أوروبا في مأزق.. كيف غيرت سياسات ترامب قواعد اللعبة؟

رعايت الله فاروقي

صورة: interaffairs

منذ فوز دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة، العالم يشهد تحولات غير مسبوقة في السياسة الأمريكية خاصة تجاه أوروبا التي كانت لعقود تعتمد على الحماية والدعم الأمريكيين. اليوم يجد القادة الأوروبيون أنفسهم في مأزق حقيقي بعد سلسلة من الخطوات المفاجئة التي اتخذتها إدارة ترامب والتي تعيد رسم ملامح النظام العالمي.

في الأيام الأخيرة، تعرضت أوروبا لعدة صدمات سياسية كشفت عن تغير جذري في نهج الإدارة الأمريكية. بدأ الأمر مع الجنرال “كيث كيلاوغ” الذي كان يُنظر إليه على أنه مبعوث ترامب لأوكرانيا حيث زار العديد من العواصم الأوروبية وأرسل إشارات طمأنة بشأن دعم واشنطن لكييف. لكن المفاجأة الكبرى جاءت عندما ظهر مبعوث ترامب للشرق الأوسط “ستيف ويتكوف” من موسكو ليعلن عن اتفاق لتبادل الأسرى بين الولايات المتحدة وروسيا وهو ما كشف عن مفاوضات سرية لم يكن الأوروبيون على دراية بها.

وفي خطوة أخرى أكدت تهميش أوروبا، أعلن ترامب عن مكالمة هاتفية مطولة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ناقشا خلالها قضايا أوكرانيا وإيران والاقتصاد العالمي. كما أعلن عن تشكيل فريق تفاوض جديد بشأن الأزمة الأوكرانية مستبعدًا كيلاوغ تمامًا ليبعث برسالة واضحة مفادها أن أوروبا لم تعد لاعبًا أساسيًا في هذا الملف.

لم تقتصر التغيرات على الجانب السياسي بل امتدت إلى المجال العسكري أيضًا. ففي اجتماع وزراء دفاع الناتو صرح وزير الدفاع الأمريكي “بيت هيغسيث” بأن انضمام أوكرانيا للحلف لم يعد “فكرة واقعية” وأن واشنطن لن تقدم أي ضمانات أمنية لكييف. وذهب أبعد من ذلك عندما أكد أن أي قوات أوروبية قد تُرسل إلى أوكرانيا لن تحظى بالحماية التي يوفرها ميثاق الناتو مما يعني أن أي هجوم روسي عليها لن يستدعي تدخلاً أمريكيًا.

هذا الإعلان أحدث صدمة في الأوساط الأوروبية إذ كانت معظم الدول الأوروبية تعتمد على المظلة الأمنية الأمريكية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. لكن يبدو أن إدارة ترامب تريد من أوروبا أن تتحمل مسؤوليتها الدفاعية بنفسها دون انتظار دعم غير مشروط من واشنطن.

على الصعيد الداخلي، تواجه أوروبا تحديات سياسية متزايدة خاصة بعد تعليق نتائج الانتخابات الرئاسية في رومانيا بحجة “التدخل الروسي عبر تيك توك“. هذه الخطوة أثارت مخاوف من إمكانية تلاعب الحكومات بالعمليات الديمقراطية وهو ما علق عليه نائب الرئيس الأمريكي “جاي دي فانس” في مؤتمر ميونيخ الأمني بقوله: “الخطر الحقيقي على أوروبا ليس روسيا أو الصين بل يأتي من داخلها. إذا كانت الحكومات الأوروبية تخشى نتائج الانتخابات الحرة فلن تتدخل واشنطن لحمايتها بعد الآن.”

هذا التصريح كان بمثابة تحذير واضح بأن الولايات المتحدة لم تعد مستعدة للدفاع عن الأنظمة الأوروبية التي لا تحترم الديمقراطية مما زاد من تعقيد المشهد السياسي داخل الاتحاد الأوروبي.

كل هذه التحولات تشير إلى أن الولايات المتحدة لم تعد ترى أوروبا شريكًا استراتيجيًا كما كان الحال سابقًا بل عبئًا ماليًا وسياسيًا ترغب في التخلص منه. ومن غير المستبعد أن يحضر ترامب احتفالات يوم النصر في موسكو يوم 9 مايو أو أن يجتمع مع بوتين في الرياض مما قد يعكس تحولًا جيوسياسيًا كبيرًا في التحالفات العالمية.

إذا استمرت هذه السياسات، فقد نشهد إعادة ترتيب للعلاقات الدولية بما قد يؤدي إلى تعزيز نفوذ قوى جديدة في الشرق الأوسط وآسيا بينما تجد أوروبا نفسها أمام واقع جديد يتطلب منها إعادة النظر في دورها العالمي.

في ظل هذه التغيرات يبقى السؤال مفتوحًا: هل تستطيع أوروبا الصمود وحدها أم أنها ستبحث عن بدائل جديدة في عالم لم يعد كما كان؟

المصدر: المقال باللغة الأردية وتم نقله إلى اللغة العربية بواسطة عبدالرؤوف والآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري ل UrKish News.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء تعطيل حاجب الإعلانات للاستمرار في استخدام موقعنا