
في تطور لافت يحمل الكثير من الدلالات، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يسرائيل كاتس استعداد الجيش الإسرائيلي للتدخل العسكري في سوريا بدعوى “حماية” مدينة جرمانا ذات الأغلبية الدرزية جنوب شرق دمشق، في حال تعرض سكانها لأي تهديد من النظام السوري الجديد.
هذا التهديد الإسرائيلي المفاجئ أثار موجة واسعة من ردود الفعل خصوصاً بعد البيان الإسرائيلي الذي أكد أن “إسرائيل لن تسمح بإيذاء الدروز في ريف دمشق وسترد بشكل فوري إذا حدث ذلك” ما يفتح الباب أمام تساؤلات عديدة حول النوايا الحقيقية وراء هذه التصريحات.
الخبير العسكري المصري اللواء أركان حرب أسامة محمود كبير المستشار بكلية القادة والأركان أوضح في تصريحات خاصة لـ”العربية” أن مدينة جرمانا شهدت أمس السبت توتراً مفاجئاً بعد مقتل عنصر أمني تابع لوزارة الداخلية السورية على يد مجموعة مسلحة درزية تُطلق على نفسها اسم “درع جرمانا”.
على الفور، فرضت قوات الأمن السورية طوقاً أمنياً حول المدينة وأقامت نقاط تفتيش عاجلة للبحث عن المسؤولين عن الحادث. إلا أن المفاجأة كانت في سرعة التفاعل الإسرائيلي مع الحدث إذ لم تمضِ ساعات قليلة حتى خرج نتنياهو وكاتس بتصريحات تنذر بتدخل عسكري إسرائيلي مباشر لحماية دروز جرمانا.
اللواء أسامة كبير أكد أن هذه التصريحات ليست معزولة عن توجهات إسرائيلية أوسع تستهدف تفكيك سوريا من الداخل عبر استغلال التعددية الطائفية ومحاولة استمالة الدروز في الجنوب الغربي السوري والمتاخمين للشمال الشرقي لإسرائيل.
وأوضح أن تل أبيب تحاول تصوير نفسها كـ”حامٍ” للأقلية الدرزية رغم الرفض العلني من القيادات الدرزية لهذه الوصاية. الهدف الحقيقي – وفق اللواء كبير – هو التوغل العسكري إلى قلب الأراضي السورية وتحديداً الاقتراب من دمشق نفسها خاصة أن جرمانا تبعد 6 كيلومترات فقط عن العاصمة.
توقيت التصعيد الإسرائيلي يرتبط أيضاً بأزمة قطاع غزة حيث تحاول حكومة نتنياهو جاهدة عرقلة أي جهود للتهدئة وتبحث عن أي ملفات جانبية تشغل الرأي العام الإقليمي والدولي عن جرائمها في القطاع.
ومع اقتراب موعد تسلم رئيس الأركان الجديد آيال زاير مهامه رسمياً في 6 مارس والمعروف بنزعته التصعيدية، تبدو إسرائيل وكأنها تهيئ المسرح لمعركة جديدة في سوريا بينما لا تزال عاجزة عن تحقيق أي إنجاز حقيقي في غزة، حيث تحتفظ حماس بأكثر من 60 أسيراً إسرائيلياً.
ومن بين الأهداف الإسرائيلية التي كشفها الخبير العسكري المصري هو تشتيت أجندة القمة العربية المرتقبة في 4 مارس بالقاهرة.
القمة التي من المفترض أن تركز على قضية غزة قد تجد نفسها مضطرة للتعامل مع ملف دروز سوريا خاصة بعد دعوة أحمد الشرع لحضور القمة.
بهذه الطريقة، يحاول نتنياهو إغراق العرب في قضايا جانبية بما يصب في مصلحة إسرائيل ويخفف من الضغوط المفروضة عليها بسبب حربها المستمرة في غزة.
في ختام حديثه، وصف اللواء أسامة كبير التصعيد الإسرائيلي الأخير بأنه يعكس نهجاً عبثياً في التخطيط السياسي والعسكري يجمع بين الهروب للأمام والعجز عن تحقيق الأهداف.
فإسرائيل التي فشلت في استعادة أسراها من غزة وتواجه ضغوطاً دولية متزايدة لوقف الحرب، تجد في الملف السوري فرصة للهروب من مأزقها الداخلي حتى لو كان الثمن إشعال فتنة طائفية في سوريا وتعريض المنطقة كلها لمزيد من التوتر.
Web Desk