
مع دخول عام 2025، تجد باكستان نفسها في مواجهة تحديات دبلوماسية متزايدة نتيجة للاضطرابات في الشرق الأوسط والتغير السياسي في الولايات المتحدة والمخاوف الأمنية للصين. وبينما تتجه السياسة العالمية نحو إعادة ترتيب التحالفات، تحاول إسلام آباد الحفاظ على توازن حساس بين شركائها الرئيسيين وسط ضغوط متزايدة على مختلف الجبهات، بحسب تقرير نشره وكالة الأناضول.
علاقات باكستان والولايات المتحدة: فتور مستمر
ظلت العلاقات الباكستانية-الأمريكية تمر بفترات من المد والجزر على مدار العقود الماضية ويبدو أن عام 2025 لن يكون استثناءً. فمع انسحاب واشنطن من أفغانستان عام 2021، تراجع الدور الذي كانت تلعبه إسلام آباد في الحسابات الأمريكية ليحل محله نهج أكثر برودة من جانب واشنطن تجاه باكستان.
وفي خطوة أثارت غضب إسلام آباد، فرضت الولايات المتحدة مؤخراً عقوبات على أربع كيانات باكستانية بزعم دعمها لبرنامج الصواريخ الباليستية. وصفت الحكومة الباكستانية هذه العقوبات بأنها “غير مبررة ومنحازة” مما يعكس التوتر المتزايد بين البلدين.
يقول إشتياق أحمد الخبير في العلاقات الدولية في حديثه لوكالة الأناضول: “العلاقات بين الحكومتين ستظل فاترة لكن التعاون العسكري بين البلدين سيستمر نظراً للدور الذي تلعبه باكستان في تأمين بعض الأنظمة الخليجية الحليفة لواشنطن.”
من جهته، يرى السفير الباكستاني السابق عبد الباسط أن العلاقة بين البلدين ستبقى “معاملاتية” تعتمد على المصالح المتبادلة بدلاً من التحالف طويل الأمد.
“الولايات المتحدة تركز حالياً على الشرق الأوسط أكثر من باكستان لكن العلاقات الثنائية ستظل قائمة على المصالح المشتركة لا سيما في القضايا الأمنية.”
الشرق الأوسط: اختبار جديد للدبلوماسية الباكستانية
التوترات المتزايدة في الشرق الأوسط وخاصة العلاقة المتوترة بين إسرائيل وإيران، قد تضع باكستان في موقف صعب خلال العام المقبل. ويرى بعض الخبراء أن إسرائيل قد تسعى بدعم من إدارة دونالد ترامب إلى استغلال نفوذها العسكري لإضعاف النظام الإيراني.
وفي هذا السياق، يقول إشتياق أحمد: “إذا تصاعدت الأزمة بين إسرائيل وإيران فإن ذلك قد يدفع باكستان إلى تعزيز تعاونها الدفاعي مع السعودية مما قد يزيد من أهميتها الاستراتيجية بالنسبة للولايات المتحدة.”
ومع ذلك، يؤكد السفير السابق آصف دوراني أن إسلام آباد ستحافظ على سياستها التقليدية المتمثلة في الحياد وعدم الانحياز في النزاعات بين الدول الإسلامية.
“لطالما كانت سياسة باكستان قائمة على الوساطة بدلاً من التورط المباشر في النزاعات الإقليمية كما فعلت في الأزمة اليمنية.”
الصين: الحليف الذي لا غنى عنه
رغم التوترات الأمنية التي شهدتها باكستان بسبب استهداف المواطنين الصينيين في هجمات متكررة لا تزال العلاقة بين إسلام آباد وبكين تحتفظ بصلابتها. فقد شهد شهر نوفمبر 2024 تطوراً غير مسبوق عندما ناقش البلدان علناً مخاوف بكين بشأن أمن رعاياها في باكستان مما يعكس مدى أهمية هذه المسألة في العلاقات الثنائية.
يرى السفير آصف دوراني أن الصين ستظل “الحليف الثابت” لباكستان مشدداً على أن العلاقة بين البلدين تتجاوز المصالح المؤقتة التي تحكم العلاقات مع الولايات المتحدة.
“علاقة باكستان بالصين تمتاز بالاستقرار والاستمرارية وإذا كان هناك خيار بين واشنطن وبكين فمن الواضح أن إسلام آباد ستختار الصين.”
العلاقات مع بنغلاديش: فرصة دبلوماسية جديدة
في تحول إيجابي نادر، يشير المحللون إلى أن تغيير الحكومة في بنغلاديش قد يفتح صفحة جديدة في العلاقات بين دكا وإسلام آباد. فقد شهدت السنوات الخمس عشرة الماضية توتراً شديداً في العلاقات بين البلدين خلال حكم الشيخة حسينة المعروفة بمواقفها المتشددة تجاه باكستان.
لكن مع التغيير السياسي في دكا، يرى عبد الباسط أن هذه فرصة سانحة لتحسين العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية بين البلدين.
“يجب على باكستان أن تتعامل مع بنغلاديش بعيداً عن تأثير الهند، فالعلاقات بين البلدين يجب أن تتطور وفقاً للمصالح المشتركة.”
ختاماً: عام صعب لكنه يحمل فرصاً
بينما تستعد باكستان لمواجهة عام 2025، يبدو أن التحديات التي تنتظرها ستكون كبيرة سواء على مستوى علاقاتها مع الولايات المتحدة أو دورها في الشرق الأوسط أو تحالفها مع الصين. ومع ذلك، فإن التطورات الإيجابية المحتملة مثل تحسن العلاقات مع بنغلاديش قد تمنح إسلام آباد مساحة للمناورة في المشهد الدبلوماسي المعقد.
ويبقى السؤال الأهم: كيف ستتمكن باكستان من تحقيق التوازن بين هذه القوى الكبرى دون التضحية بمصالحها الاستراتيجية؟
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري ل UrKish News.
Web Desk