آراء و مقالات

من واشنطن إلى الكابيتول..هل يعيش ترامب فانتازيا الثورة؟

Getty Images

رعايت الله فاروقي

يبدو أن دونالد ترامب وفريقه السياسي يتصرفون وكأنهم لم يصلوا إلى السلطة عبر انتخابات ديمقراطية بل عبر انقلاب سياسي أو “ثورة فرنسية” بنكهة أمريكية. لا شك أن فوزه الثاني يُعد حدثًا استثنائيًا في تاريخ الولايات المتحدة خاصة بعد العقبات والتحديات التي واجهها، ولكن هل يمنحه ذلك الحق في اعتبار نفسه قائدًا ثوريًا؟

لطالما كان يُنظر إلى الولايات المتحدة على أنها دولة تُحترم فيها نتائج الانتخابات، ولكن عام 2016 غيّر هذه الصورة تمامًا حيث قوبل فوز ترامب بالتشكيك والرفض من قِبل الليبراليين الأمريكيين أنفسهم مما جعل السياسة الأمريكية تتجه نحو سيناريوهات كانت تُعتبر حكرًا على الديمقراطيات الناشئة. والأمر لم يتوقف عند هذا الحد بل بدأنا نسمع في الولايات المتحدة عن نظريات مؤامرة مثل “التدخل الروسي” و”ترامب عميل بوتين” وهي ذات الاتهامات التي كانت تُعتبر سابقًا من سمات سياسة الدول النامية!

أما في انتخابات 2020، فقد حدث ما لم يكن متوقعًا؛ رفض ترامب الاعتراف بهزيمته وتطورت الأمور إلى اقتحام أنصاره مبنى الكابيتول مما أعطى صورة غير مسبوقة عن الديمقراطية الأمريكية. ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل استُخدم القضاء كأداة للانتقام السياسي حيث زُجّ بترامب في عشرات القضايا تمامًا كما يحدث في دول أخرى تسودها الانقسامات السياسية الحادة.

تكمن خطورة الشعور بالثورية في أنه قد يقود صاحبه إلى التفرد بالقرار بحجة “إصلاح النظام“. ومن أجل تأكيد هذا التغيير، يسعى القائد الثوري إلى استبعاد الشخصيات التقليدية واستبدالها بوجوه جديدة حتى وإن كانت تفتقر إلى الكفاءة.

هكذا، رأينا كيف ضم ترامب إلى فريقه شخصيات مثل بيت هيغسيت المذيع السابق في “فوكس نيوز” والذي عُيّن وزيرًا للدفاع رغم أن خبرته العسكرية لم تتجاوز رتبة مقدم! كما عيّن تولسي غابارد وهي برتبة مقدم أيضًا، مديرة للاستخبارات الوطنية مما جعل جنرالات بثلاث نجوم مرؤوسين لضابطة أقل منهم بكثير في التدرج العسكري.

الأمر لا يقتصر على التعيينات المثيرة للجدل بل امتد إلى أسلوب إدارة القضايا الحساسة. فبدلًا من استخدام القنوات الرسمية لمناقشة مسائل الأمن القومي، لجأ فريق ترامب إلى تطبيق “سيجنال” لإنشاء مجموعة دردشة تناقش خططًا عسكرية سرية مثل الهجوم على اليمن! ولكن الفضيحة الكبرى كانت عندما أضاف مستشار الأمن القومي مايك والتز عن طريق الخطأ الصحفي جيفري جولدبرغ إلى المجموعة، ليقوم الأخير بنشر تفاصيل المحادثات في مجلة ذا أتلانتيك مما فضح التخبط داخل الإدارة الأمريكية.

قد يكون لدى ترامب إحساس بأنه يخوض “ثورة” بسبب التحديات التي واجهها لكن هذه المرحلة الثورية لن تدوم طويلًا. فمع مرور الوقت، ستصبح هذه الفوضى جزءًا من السياسة الأمريكية المعتادة وسيتقن السياسيون الأمريكيون فن التعامل مع الأزمات دون الحاجة إلى الشعور بأنهم يخوضون حربًا ضد النظام في كل مرة تواجههم عقبة. وعندها، قد لا يكون لترامب ومؤيديه سوى الاعتراف بأن السياسة ليست دائمًا ساحة للثورات بل هي لعبة توازنات لا تستمر طويلًا لمن يعتقدون أنهم فوق النظام!

المصدر: المقال باللغة الأردية وتم نقله إلى اللغة العربية بواسطة عبدالرؤوف حسين، والآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري ل UrKish News.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء تعطيل حاجب الإعلانات للاستمرار في استخدام موقعنا