
نقلاً عن الموقع الإخباري التركي Cumhuriyet بتاريخ 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2024
مما لا شك فيه أن لعبة التنس، أو ما يُعرف بـ”كرة المضرب”، واحدة من أكثر الرياضات شعبيةً وجاذبيةً على مستوى العالم؛ حيث تستقطب جُلَّ الجماهير المحلية والعالمية بمبارياتها المثيرة وأجوائها الحماسية. ومن ثم فإن التنس ليست مجرد رياضة ترفيهية؛ بل هي ميدان للإبداع، الإصرار والتحدي. أخرجت هذه اللعبة أساطير رياضية مثل رافائيل نادال، روجر فيدرر، ونوفاك دجوكوفيتش، الذين أسهموا في رفع مستوى التنس إلى آفاق جديدة على مدى العقود الماضية.
وها نحن اليوم بصدد اعتزال أسطورة التنس العالمى رافائيل نادال للملاعب رسميًا؛ حيث أعلن لاعب التنس الإسباني الأسطوري رافائيل نادال، الحاصل على 22 لقبًا في بطولات الجراند سلام، اعتزاله اللعبة عن عمر يناهز 38 عامًا، ليضع نهاية لمسيرة رياضية مليئة بالإنجازات التاريخية التي جعلته واحدًا من أعظم لاعبي التنس على مر العصور.
ولمن لا يعرف من هو رافائيل نادال؛ جاء إلينا من عائلة رياضية في المقام الأول، فعمه توني نادال لاعب التنس المحترف سابقًا وخاله ميغيل أنخل لاعب كرة القدم سابقًا، وبين هذا وذاك عاش طفولته بمذاقها الرياضي. خُيِّرَ بين كرة القدم والتنس فقرَّر الحبو نحو التنس برغم حبه الشديد لكرة القدم، ولكن “لابد أن نفرَّق دائمًا بين ما نحب وما يجب أن نختار”.

بدأ نادال، المُلقَّب بـ “ملك الملاعب الترابية”، مسيرته الاحترافية عام 2003، عندما كان عمره لا يتجاوز 17 عامًا. سيطر على عالم التنس محققًا أرقامًا قياسية مبهرة منذ ذلك الحين. من أبرز إنجازاته هو تحقيقه 14 لقبًا في بطولة فرنسا المفتوحة (رولان جاروس)، وهو رقم قياسي لم يسبق له مثيل.
فوزه بجميع بطولات الجراند سلام الأربعة على مختلف الأرضيات: فرنسا المفتوحة (ترابية)، ويمبلدون (عشبية)، وأستراليا المفتوحة وأمريكا المفتوحة (صلبة)، واحتلاله المركز الأول في التصنيف العالمي لمدة 209 أسابيع.
وعلى صعيد آخر، في أثناء مسيرته هيمن على الملاعب الترابية حيث حقق سلسلة من الانتصارات 81 انتصارًا متتاليًا على الملاعب الترابية بين عامي 2005 و2007. وفاز بأول ألقابه في رولان جاروس عام 2005، ثم استمر في تحقيق النجاح في هذه البطولة لسنوات متتالية. أيضًا مباراة ويمبلدون 2008 التاريخية والتي فاز فيها نادال على منافسه اللدود روجر فيدرر في مباراة وصفت بأنها أعظم مباراة في تاريخ التنس، استمرت لأكثر من 4 ساعات ونصف.
وعلى الرغم من تعرضه للعديد من الإصابات التي كادت أن تنهي مسيرته، تمكَّن نادال من العودة والفوز ببطولات كبرى، أبرزها بطولة أمريكا المفتوحة عام 2013 بعد إصابة طويلة.
رافائيل نادال لم يكن مجرد لاعب تنس، بل كان مثالاً يُحتذى به في المثابرة والعمل الجاد، عُرف بشغفه الكبير، روحه الرياضية، واحترامه للمنافسين داخل الملعب وخارجه. ترك بصمته كواحد من أعظم اللاعبين في التاريخ، وألهم أجيالاً جديدة من لاعبي التنس.
وبلحظات مؤثرة عاشها لاعب التنس الإسباني رافائيل نادال في اليوم الأول من بطولة كأس ديفيس، آخر بطولة له قبل الاعتزال، والتي أقيمت في مدينة مالقة الإسبانية، حيث شارك نادال مع المنتخب الإسباني في مواجهته ضد هولندا، ولم يستطع تمالك دموعه خلال عزف النشيد الوطني الإسباني قبل المباراة.
ووسط تصفيق وهتاف آلاف المشجعين الذين لا حصر لهم نادوا باسمه، فقد عاش نادال لحظات وخليط من المشاعر الممتلئة بمشاعر الحب والدعم له.
وبتصريح مؤثر مُعلنًا اعتزاله، قال نادال:
“لقد كانت رحلة لا تُنسى مليئة باللحظات الرائعة. أشكر عائلتي، فريقي، وكافة الجماهير الذين دعموني طوال هذه السنوات. حان الوقت لوداع الملاعب والتركيز على مرحلة جديدة في حياتي.”
برحيل رافائيل نادال عن عالم التنس، تفقد هذه الرياضة أحد أساطيرها الحية. لكنه يترك إرثًا عظيمًا سيظل محفورًا في تاريخ اللعبة. وباعتزاله، تنتهي حقبة ذهبية لكنها ستبقى مصدر إلهام لعشاق التنس في كل مكان. وبتصريح أسطورة التنس العالمي نادال يميط اللثام للعيان عن بعض التكهنات لمرحلة جديدة في حياته.
ويبقى التساؤل هل يقصد اللاعب العودة للملاعب من خلال مهنة التدريب أم يتطلع إلى تركها كليةً وبدء مشروعات جديدة في حياته؟
كتابة وإعداد: نجلاء فتحي