
فريق UrKish News
في فجر الحادي والعشرين من يونيو، نفّذت الولايات المتحدة واحدة من أكثر عملياتها الجوية تعقيدا منذ عقود عندما استهدفت ثلاث منشآت نووية إيرانية تحت الأرض في ضربة حملت الاسم الرمزي “مطرقة منتصف الليل” (Operation Midnight Hammer).
لكن خلف القوة النارية والتكنولوجيا المتقدمة، تكمن أبعاد سياسية واستراتيجية أعمق تعكس رسائل أمريكية واضحة ومؤشرات خطيرة على مستقبل الصراع مع طهران.
العملية بدأت بتكتم غير مسبوق، انطلقت سبع طائرات شبحية من طراز B-2 من قاعدة وايتمان الجوية في ولاية ميزوري الأمريكية في مهمة استمرت أكثر من 37 ساعة ذهابا وإيابا تم تصميم جزء من المهمة كخدعة تضليلية حيث انطلقت بعض الطائرات غربا فوق المحيط الهادئ، بينما اتجهت المجموعة الأساسية شرقا نحو إيران عبر مسار طويل ومعقّد شمل عمليات تزوّد بالوقود في الجو واتصالات محدودة للغاية لتفادي رصدها، بحسب ما أفادت به وكالات الأنباء.
في التوقيت ذاته، كانت غواصات أمريكية متمركزة في بحر العرب تُطلق أكثر من 30 صاروخ توماهوك نحو أهداف محددة داخل الأراضي الإيرانية. كما رافقت القاذفات طائرات مقاتلة من الجيلين الرابع والخامس استخدمت تقنيات تشويش وحرب إلكترونية لتعطيل رادارات الدفاع الجوي الإيراني.
اللافت أن الدفاعات الجوية الإيرانية لم تطلق أي صواريخ ولم تُقلع الطائرات الحربية الإيرانية وهو ما اعتبره الجيش الأمريكي مؤشرا على نجاح خطة التمويه والاختراق الكامل.
حوالي الساعة الثانية صباحا بتوقيت إيران، ألقت القاذفات الشبحية 14 قنبلة خارقة للتحصينات من طراز GBU-57 استهدفت منشآت فوردو ونطنز وأصفهان. ووفقا لتقديرات أولية أعلنها الجيش الأمريكي، فإن المنشآت الثلاث تعرضت لـ”دمار هائل” في عملية لم تستغرق أكثر من 25 دقيقة.

لكن الرسالة الأوضح لم تكن فقط في حجم التدمير بل في طريقة التنفيذ التي اعتمدت على أقصى درجات السرّية والانضباط العملياتي.
العملية لم تُكشف حتى داخل واشنطن إلا بعد تنفيذها ولم يتم إخطار الكونجرس إلا في وقت لاحق. ويبدو أن قرار الضربة اتخذ شخصيا من قبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال قمة مجموعة السبع مع التشديد على عدم تسريب أي تفاصيل في ظل التوترات المتصاعدة في المنطقة.
الضربة الأمريكية لم تكن استجابة مباشرة لهجوم إيراني بل أقرب إلى استعراض حاسم للقدرة الأمريكية على فرض التفوّق الجوي متى شاءت وأينما شاءت. كما أنها وجّهت رسالة واضحة بأن المنشآت النووية الإيرانية مهما كانت محصّنة أو عميقة لا تقع خارج نطاق القدرة الهجومية الأمريكية.
هذا النوع من العمليات يعيد تعريف قواعد الاشتباك في الشرق الأوسط ويعكس رغبة واشنطن في استعادة زمام المبادرة بعد شهور من التصعيد غير المعلن.
من الجانب الإيراني، لم يصدر رد عسكري مباشر حتى الآن لكن طهران توعّدت بالرد في الوقت والمكان المناسبين. ومع وجود أكثر من 40 ألف جندي أمريكي ضمن مدى الصواريخ الإيرانية فإن احتمالات التصعيد لا تزال قائمة.
في المقابل، فإن أي رد إيراني واسع النطاق قد يشعل مواجهة شاملة وهو ما تحاول القوى الإقليمية والدولية تجنّبه حتى الآن.
في المحصلة، تبدو “مطرقة منتصف الليل” أكثر من مجرد عملية عسكرية. هي نقطة تحوّل في الصراع الأميركي-الإيراني وتحمل رسائل استراتيجية متعددة المستويات تبدأ من الردع النووي ولا تنتهي بإعادة رسم توازنات القوى في منطقة تتأرجح على حافة الانفجار.
ومع الغموض الذي لا يزال يلفّ الرد الإيراني، فإن الأسابيع المقبلة قد تكشف ما إذا كانت هذه الضربة بداية مواجهة مفتوحة أم فصلا من فصول الضغط المحسوب على طهران.
Web Desk