
بكين – واصلت الصين التزامها بالحياد تجاه التصعيد بين إيران وإسرائيل مكتفية بالدعوة إلى حل دبلوماسي رغم علاقاتها الوثيقة مع طهران وكونها أكبر مشتر للنفط الإيراني.
وتسعى بكين منذ سنوات إلى تعزيز نفوذها في الشرق الأوسط عبر شراكات اقتصادية واستراتيجية كان أبرزها توقيع اتفاقية تعاون طويلة الأمد مع إيران عام 2021 تمتد لـ25 عاما إلا أن تنفيذ هذه الاتفاقية لا يزال محدودا وسط غموض يلف تفاصيلها.
وتُظهر البيانات أن الاستثمارات الصينية في إيران تبقى متواضعة مقارنة بحجم استثماراتها في دول أخرى بالمنطقة. ووفقًا لتقديرات معهد “أمريكان إنتربرايز” بلغ إجمالي الاستثمارات الصينية في إيران منذ عام 2007 أقل من 5 مليارات دولار فيما تُقدّر وزارة التجارة الصينية الاستثمارات المباشرة بنحو 3.9 مليار دولار حتى نهاية 2023.
في المقابل، ضخّت الصين أكثر من 8.1 مليار دولار في الإمارات بين 2013 و2022 وما يقارب 15 مليار دولار في السعودية بين عامي 2007 و2024.
ويرى خبراء أن تخوف الشركات الصينية، خاصة المملوكة للدولة، من العقوبات الأمريكية المفروضة على طهران يحدّ من انخراطها الاستثماري. وقال بيل فيغورا أستاذ العلاقات الصينية–الشرق أوسطية بجامعة خرونينغن الهولندية: إن تلك الشركات “تتجنب إلى حد كبير الاستثمار في إيران خشية التعرض للعقوبات”.
ورغم هذا التردد الاستثماري، تُعد الصين الشريان الاقتصادي الرئيسي لإيران في قطاع النفط، إذ تستورد نحو 43 مليون برميل شهريا تمثل حوالي 90% من الصادرات النفطية الإيرانية وتشكل 13.6% من إجمالي واردات الصين من الخام، بحسب بيانات شركة “فورتيكسا“.
وعلى مدى السنوات الماضية، شاركت شركات صينية في عدة مشروعات طاقة في إيران من بينها تطوير حقول نفطية وغازية مثل “بارس الجنوبي” و”آزادكان” و”يادافاران”، إضافة إلى إنشاء مصافٍ ومحطات طاقة شمسية أبرزها مشروع مشترك أُعلن عنه في 2024 مع مجموعة “غدير” الإيرانية لبناء محطة شمسية بكلفة تقدر بـ1.16 مليار دولار.
وفي قطاع البنية التحتية، وقّعت شركات صينية عقودا ضخمة لتطوير شبكة السكك الحديدية الإيرانية بما يشمل خطوطا بين طهران وهمدان وسنندج، وكرمانشاه وخسروي، بالإضافة إلى مشروع كهرباء خط سكة حديد طهران–مشهد الذي تعثّر لاحقًا.
كما شهد قطاع المعادن تعاونا محدودا، إذ استثمرت شركة “الصين للمعادن” 350 مليون دولار في مصنع للصلب عام 2017 لكن المشروع واجه صعوبات تمويلية.
ورغم هذه المبادرات، تشير المعطيات إلى أن بكين لا تزال حذرة في توسيع حضورها الاقتصادي في إيران موازنة بين مصالحها مع طهران وضغوط العقوبات الغربية ما يفسر موقفها الحذر من النزاعات الإقليمية وتفضيلها لعب دور الوسيط لا المنحاز.
المصدر: العربية