
بي بي سي – في عالم الإنترنت اليوم حيث يتنافس المبدعون للحصول على المشاهدات والمتابعين يبدو أن الحزن أصبح أحد أساليب جذب الجمهور الأكثر فعالية. ورغم أن الناس غالبًا ما يقولون إنهم لا يرغبون في الشعور بالحزن فإن سلوكهم عبر الإنترنت يُظهر عكس ذلك، إذ يتزايد استخدام “sadbait” – محتوى يستغل مشاعر الحزن لجذب التفاعل.
تشير الدراسات إلى أن منصات التواصل الاجتماعي تشجع المبدعين على إثارة مشاعر قوية لدى الجمهور سواء كان الغضب أو الحزن أو حتى الضحك. ويبدو أن الحزن تحديدًا قد أصبح أحد أقوى الأدوات لجذب الانتباه على الإنترنت. فقد أظهرت دراسة حديثة أن بعض مقاطع الفيديو الأكثر نجاحًا عبر منصات مثل تيك توك وإنستغرام تشمل مؤثرين يبكون أو يشاركون قصصًا حزينة، بينما يستخدم آخرون محتوى محزن تم إنشاؤه باستخدام الذكاء الاصطناعي.
وفقا “لسوما باسو” الصحفية والباحثة في جامعة تامبيري بفنلندا فإن عرض العواطف القوية على الإنترنت يخلق نوعًا من الاتصال بين المبدعين والجمهور. فحتى إذا كان المحتوى لا يُظهر مشاعر حقيقية مثل الصور التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي، فإنه ينجح في جذب انتباه الجمهور والتفاعل معه.
ولكن لماذا ينجح الحزن في جذب المشاهدين على الإنترنت؟ الإجابة تكمن في الخوارزميات التي تستخدمها منصات التواصل الاجتماعي، والتي تروج للمحتوى الذي يحصل على أعلى مستويات التفاعل. وبما أن الحزن يعد أحد العواطف التي يمكن أن تثير استجابة قوية فإن الخوارزميات تعزز انتشار هذا النوع من المحتوى بشكل مستمر.
وبينما يثير البعض القلق حول التأثيرات النفسية لهذه الأنواع من المحتوى يشير الباحثون إلى أن “sadbait” يمكن أن يقدم أيضًا فرصة للمشاهدين للتعبير عن مشاعرهم والانفتاح على قضايا حساسة. ففي التعليقات على الفيديوهات الحزينة يشارك الكثير من الأشخاص تجاربهم الشخصية ويبحثون عن الدعم العاطفي.
توضّح “نينا لوتز” الباحثة في جامعة واشنطن: أن المحتوى الحزين لا يُستخدم فقط لتحفيز العواطف، بل يعمل أيضًا كمنصة للتواصل بين الأشخاص ذوي الاهتمامات المشتركة. وفي بعض الحالات يكون هذا النوع من المحتوى بمثابة مساحة مفتوحة للحديث عن قضايا مؤلمة مثل فقدان الأحبة أو الصدمات النفسية.
ومع تطور هذه الظاهرة، يزداد السؤال حول كيف يمكن للمحتوى الحزين أن يعكس الواقع الاجتماعي ويثير الوعي حول قضايا متعددة. إذ تُظهر مقاطع الفيديو الحزينة على الإنترنت كيف يمكن للفيديوهات التي تُصور مشاعر خاصة أو محزنة أن تُعبر عن الفروق الاجتماعية والثقافية بين الأفراد.
في النهاية، يبقى السؤال: هل أصبح الحزن جزءًا لا يتجزأ من معادلة النجاح عبر الإنترنت؟ الأمر يبدو كما لو أن المستخدمين والمبدعين يعرفون تمامًا تأثير العواطف ويستخدمونها كأداة للتفاعل والتواصل.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري ل UrKish News.
Web Desk