آراء و مقالات

هل كان تحالف أداني ونتنياهو صفقة اقتصادية أم مشروعا عسكريا؟

صورة: Adani Group

ينتمي رجل الأعمال الهندي جوتام أداني إلى مدينة أحمد آباد في ولاية جوجارات وهي المدينة نفسها التي ينحدر منها رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي. هذا القرب الجغرافي تحوّل إلى شراكة استراتيجية بين رأس المال والسلطة حيث اتُّهم مودي مرارا من قبل المعارضة وتحديدا من راهول غاندي بتقديم دعم غير محدود لأداني مكّنه من بناء واحدة من أكبر إمبراطوريات المال في آسيا.
طائرة أداني الخاصة التي استخدمها مودي في حملاته الانتخابية تحولت إلى رمز لهذا التحالف الذي سرعان ما امتد إلى مشاريع اقتصادية واستراتيجية عابرة للحدود.

في عام 2018، دخلت مجموعة أداني في شراكة مع شركة الصناعات العسكرية الإسرائيلية “إلبت سيستمز” (ELBIT SYSTEMS) لإنشاء مصنع لإنتاج الطائرات المسيّرة والصواريخ في مدينة حيدر آباد الهندية.
وبفضل الدعم المباشر من حكومة مودي، أُنشئ المصنع خلال عامين وبدأ إنتاجه فعليا لتوافق إسرائيل على شراء ما نسبته 85% من إنتاجه العسكري.
هذا التعاون لم يكن عابرا بل أسّس لعلاقة اقتصادية وعسكرية وثيقة بين الهند وإسرائيل كان لأداني الدور المحوري فيها.

وفي عام 2023، اشترت مجموعة أداني 70% من أسهم ميناء حيفا الإسرائيلي مقابل 1.2 مليار دولار في صفقة وصفت بأنها ليست فقط اقتصادية بل ذات بعد أمني واستراتيجي، خاصة في ظل تصاعد النفوذ الإيراني في المنطقة.
لكن هذه الصفقة أطلقت أيضا عاصفة من الانتقادات إذ نشرت مؤسسة “هندنبرغ ريسيرتش” الأمريكية تقريرا خطيرا اتهمت فيه مجموعة أداني بارتكاب مخالفات مالية واحتيال ضريبي ضخم. ورفع راهول غاندي هذه الاتهامات تحت قبة البرلمان الهندي مطالبا الحكومة بالرد، لكن دون جدوى.

في المقابل، دافع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن أداني واعتبر أن استهدافه هو استهداف مباشر لإسرائيل ووجّه تعليمات إلى جهاز “الموساد” بحماية مصالح أداني وصد الهجمات الإعلامية ضده. وأشارت تقارير روسية إلى أن الموساد بدأ بالفعل بمراقبة رقمية لقيادات في حزب المؤتمر الهندي، على رأسهم راهول غاندي، لتحديد مصادر المعلومات التي استخدمت ضد أداني.

وبينما كان أداني يشعر أن حلفاءه السياسيين والأمنيين وفّروا له مظلة حماية دولية، جاءت الضربة القاصمة من حيث لم يحتسب. ففي 13 يونيو 2025، أعلن نتنياهو الحرب على إيران وردّت طهران بصواريخ باليستية طويلة المدى استهدفت مدنا ومواقع استراتيجية في إسرائيل، من بينها ميناء حيفا.
وللمفارقة، فإن الطائرات المسيّرة والصواريخ التي صُنعت في مصنع أداني بحيدر آباد كانت قد استُخدمت في ضرب أهداف إيرانية ما جعل الرد الإيراني عنيفا ومركّزا. دمّرت صواريخ إيران الميناء بالكامل وتحول إلى أنقاض في مشهد لا يختلف كثيرا عما شهدته غزة في حربها مع إسرائيل.

تدخّل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وأعلن استهداف المنشآت النووية الإيرانية وأشرف على وقف لإطلاق النار، لكن ذلك لم ينهِ الصراع بل علّقه فقط. ويرى مراقبون أن نتنياهو لن يتوقف، لأن المشروع الذي يسعى إليه – مشروع “إسرائيل الكبرى” – ما زال يعتبر إيران العقبة الأكبر في طريقه.

في سياق موازٍ، بدأت تتضح ملامح تصعيد آخر نحو باكستان. إذ كشفت تقارير صحفية عن تصريحات أدلى بها ماير ماسري مدير مركز الجغرافيا السياسية في الجامعة العبرية: بأن الهدف التالي بعد إيران هو باكستان.
وأورد تقرير نشرته مجلة “مودرن دبلوماسي” في 24 يونيو 2025 أن إسرائيل، بالتعاون مع الهند، تضع خططا لاستهداف القدرات النووية الباكستانية عبر طائرات مسيرة وصواريخ كروز، مع محاولة لفصل إقليم السند عن البنجاب والسيطرة على كشمير الحرة وقطع الممر البري الصيني الباكستاني.

في هذا السيناريو، لم يعد مصنع حيدر آباد مجرد مشروع صناعي بل بات أداة محتملة في حرب إقليمية واسعة. ورغم دمار مشروع أداني في حيفا، فإن المصنع لا يزال يعمل بكامل طاقته ما يجعل المحللين يعتبرون أنه طالما بقي هذا المصنع قائما، فإن باكستان ستظل في دائرة الخطر.
لقد كانت منتجات هذا المصنع سببا في دمار واسع في غزة، ثم إيران، وقد تكون وجهتها القادمة جنوب آسيا.

قصة جوتام أداني لم تنتهِ عند قصف ميناء حيفا بل تحوّلت إلى نموذج لتحالف رأس المال مع السلطة والسلاح وما يمكن أن ينتج عنه حين يتجاوز الاقتصاد حدوده ويتورط في استراتيجيات جيوسياسية معقدة.
فهل كانت حيفا محطته الأخيرة؟ أم أن حيدر آباد تخفي فصولا جديدة أكثر خطورة؟

المقال باللغة الأردية كتبه المحلل السياسي الباكستاني حامد مير وتم نقله إلى اللغة العربية بواسطة عبدالرؤوف حسين والآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري ل UrKish News.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء تعطيل حاجب الإعلانات للاستمرار في استخدام موقعنا