اخبار العالم

“لا يمثلوننا”.. زيارة الأئمة الأوروبيين لإسرائيل تثير غضبا واسعا وتكشف أدوار ELNET الخفية

صورة: palinfo

فريق UrKish News

أثارت زيارة وفد من رجال الدين المسلمين الأوروبيين إلى إسرائيل ولقاؤهم بالرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ موجة غضب واستنكار واسعة في الأوساط الإسلامية والعربية وذلك في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة الذي أوقع عشرات الآلاف من الضحايا، معظمهم من المدنيين.

الزيارة التي نُظّمت يوم الاثنين الماضي جاءت برعاية منظمة “إلنِت” (ELNET) المعنية بتعزيز العلاقات الأوروبية الإسرائيلية وشملت جولات في عدد من المواقع الرسمية والدينية في القدس، بالإضافة إلى زيارات ميدانية لمناطق متأثرة بالحرب ومقابلات مع شخصيات إسرائيلية عسكرية وسياسية.

وقد تزامنت هذه الزيارة مع استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة والتي بدأت في 7 أكتوبر 2023، وأسفرت – بحسب بيانات وزارة الصحة الفلسطينية – عن استشهاد أكثر من 57,800 فلسطيني غالبيتهم من النساء والأطفال، في وقت تتهم فيه إسرائيل بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وتخضع لمسؤولية قانونية أمام محكمتي العدل الدولية والجنائية الدولية.

وخلال اللقاء مع الوفد، قال الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ إن “التاريخ يصنعه أولئك الذين يمدون الجسور لا الذين يهدمونها” مضيفا: “نحن جميعا أبناء إبراهيم وهناك قوى تحاول نشر الفتنة وأخرى تعمل من أجل السلام”. ورحّب هرتسوغ بما وصفه “شجاعة الأئمة في زيارة إسرائيل” معتبرا الخطوة مؤشرا على نمو قوى التعايش والتسامح في وجه التطرف.

تصريحات هرتسوغ التصالحية قوبلت بالتشكيك نظرا لتصريحاته السابقة في أكتوبر 2023 التي قال فيها إن “شعب غزة كله مسؤول” في تعميم أثار جدلا واسعا واعتُبر تحريضا مباشرا واستُخدم ضمن الوثائق المقدمة إلى محكمة العدل الدولية في قضية الإبادة الجماعية المرفوعة ضد إسرائيل من قبل جنوب إفريقيا.

من جهته، وصف الإمام الفرنسي حسن شلغومي، رئيس الوفد، إسرائيل بأنها “رمز للإنسانية والديمقراطية” وقال في كلمته أمام الرئيس الإسرائيلي: “نحن أمام صراع بين عالم الرحمة والحرية وعالم الظلام والتطرف” مضيفا أن على المسلمين واليهود أن يتحدوا من أجل بناء مستقبل مشترك يقوم على الحوار والاعتراف المتبادل.

شلغومي، المعروف بمواقفه المثيرة للجدل، سبق له أن دعا إلى سحب الجنسية من النائبة الفرنسية من أصول فلسطينية ريما حسن واتُّهم مرارا من قبل منتقديه بأنه “يمثل السلطات ولا يمثل المجتمعات المسلمة” لا سيما بعد زيارته لمستوطنات إسرائيلية في الضفة الغربية عام 2019.

الزيارة أثارت ردود فعل شديدة من مؤسسات دينية بارزة حيث أصدر المجلس الأوروبي للأئمة بيانا رسميا وصف فيه الزيارة بأنها “استفزاز لمشاعر المسلمين” مضيفا أن المشاركين فيها “لا يُعرفون داخل المجتمعات الإسلامية في أوروبا ولا يرتبطون بأي مؤسسات دينية موثوقة” وأكد المجلس أن ما جرى “يتناقض مع القيم الإسلامية والإنسانية ويخدم أجندات مشبوهة”.

كما ندد الأزهر الشريف بالزيارة، واصفا إياها بأنها “مخالفة صارخة لقيم الدين والضمير” وقال في بيان له إن “من تجرّدوا من أخلاقهم الدينية والإنسانية ووقفوا إلى جانب المحتل في لحظة تُرتكب فيها مجازر ضد الأبرياء سيُسجّلون في صفحات التاريخ السوداء” واعتبر الأزهر أن المشاركين “لا يمثلون الإسلام ولا المسلمين ولا العلماء”.

أما مفتي مصر، الدكتور نظير عياد، فقد عبّر عن استيائه الشديد مما وصفه بـ”المشهد المخزي” مشيرا إلى أن من شاركوا في الزيارة “باعوا ضمائرهم بثمن بخس وارتدوا عباءة الدين زورا وبهتانا لتسويق سلام زائف ملوّث بدماء الأبرياء”.

وفي هولندا، علّق مسجد بلال في مدينة ألكمار عمل الإمام يوسف مصبيح الذي شارك في الوفد بعد أن ظهر في مقطع مصوَّر وهو يؤدي أنشودة بالعربية مستوحاة من النشيد الوطني الإسرائيلي أمام الرئيس هرتسوغ. وأصدر المسجد بيانا أعلن فيه قطع العلاقة بالإمام فورا مؤكدا أن “تصرفاته لا تمثل قيم المؤسسة أو جمهور المصلين”.

الزيارة أثارت أيضًا تساؤلات حول الجهة المنظمة لها. فـ”إلنِت” (ELNET) ليست مؤسسة دينية أو حوارية تقليدية بل تُعرف في الأوساط الأوروبية بدعمها القوي لإسرائيل وارتباطها بشخصيات سياسية يمينية في فرنسا وألمانيا وبريطانيا. وقد نظمت في مارس الماضي مسيرة في باريس “ضد الإسلاموية” شارك فيها عدد من السياسيين اليمينيين المعروفين بمواقفهم المتشددة تجاه المسلمين.

مراقبون رأوا في هذه الزيارة محاولة لتلميع صورة إسرائيل دوليا في وقت تواجه فيه عزلة متزايدة واحتجاجات متصاعدة في العواصم الغربية ضد حربها على غزة. ووُصفت الخطوة بأنها “استخدام للدين كأداة سياسية” خاصة في ظل رمزية المشاركين وانعدام تمثيلهم المؤسسي أو الشعبي الحقيقي.

وفي ظل استمرار القصف على غزة وتفاقم الأزمة الإنسانية، يرى كثيرون أن مثل هذه الزيارات، وإن جاءت تحت شعار الحوار والتسامح، لا تخدم السلام الحقيقي بل تُستخدم لتبرير العدوان وخلق واجهات دعائية باسم الدين في وقت تُدفن فيه آلاف الجثث تحت الأنقاض ويُحرم الملايين من أدنى حقوقهم الإنسانية.

وكالات الأنباء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء تعطيل حاجب الإعلانات للاستمرار في استخدام موقعنا