آراء و مقالاتتعليم

هل تتربع الجامعات الصينية حقا على عرش التعليم عالميا؟

Getty Images

فريق UrKish News

خلال العقدين الماضيين، لم يعد الحديث عن الجامعات الصينية أمرا هامشيا في مشهد التعليم العالي العالمي. فمن جامعات لم تكن ضمن قائمة الأفضل إلى مؤسسات تحتل اليوم مواقع متقدمة في التصنيفات الدولية، تحاول الصين إثبات أن قوتها الاقتصادية والعلمية قادرة على إعادة تشكيل خريطة المعرفة العالمية.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل أصبحت الجامعات الصينية حقا الأفضل في العالم أم أن الصدارة لا تزال حكرا على المؤسسات الغربية العريقة؟

تشير بيانات Nature Index إلى أن الأكاديمية الصينية للعلوم (CAS) تحتل المرتبة الأولى عالميا من حيث حجم الإنتاج البحثي المنشور في الدوريات العلمية المرموقة. كما قفزت جامعات مثل تسينغهوا وبكين إلى مراكز متقدمة في تصنيفات عالمية عدة ما جعل بكين تتباهى بأن منظومتها الأكاديمية باتت منافسا جادا للولايات المتحدة وأوروبا، وفق تقرير نشرته مجلة “The Economist“.
غير أن تصنيفات شاملة مثل Times Higher Education 2025 تكشف أن الجامعات الغربية لا تزال تهيمن على القمة حيث تتصدر أكسفورد، تليها MIT وهارفارد وكامبريدج، بينما جاءت أفضل الجامعات الصينية خارج المراتب الخمس الأولى.
وفي تصنيف QS 2026، حجزت الجامعات الأمريكية والبريطانية معظم المراتب العشر الأولى فيما لم تظهر أي جامعة صينية في المراتب الخمسة الأولى وكانت أول جامعة آسيوية في القائمة هي جامعة سنغافورة الوطنية بالمركز الثامن.

القوة الصينية تبدو أكثر وضوحا في تخصصات محددة مثل الهندسة والعلوم الطبيعية والتقنيات التطبيقية حيث يقود التمويل الحكومي الضخم والمختبرات المتطورة إلى تحقيق قفزات نوعية. لكن الصورة تختلف في المجالات المرتبطة بالعلوم الاجتماعية والإنسانية والاقتصاد إذ ما زالت الجامعات الأمريكية والبريطانية تحتكر المراتب الأولى وفي تصنيف QS لأفضل الجامعات في الاقتصاد تسيطر المؤسسات الغربية على المراتب الـ15 الأولى دون ظهور أي جامعة صينية ضمن هذا النطاق.

تتفاخر بكين بأن الصين تحتل المرتبة الأولى عالميا من حيث عدد الجامعات المدرجة في التصنيفات الدولية وهو إنجاز يعكس توسعا ضخما في البنية التحتية التعليمية. ومع ذلك، فإن التميز الكمي لا يعني بالضرورة تميزا نوعيا إذ تستند الجامعات الغربية إلى تراكم تاريخي طويل وسمعة أكاديمية مترسخة وشبكات بحثية دولية واسعة وهو ما يمنحها قدرة مستمرة على اجتذاب العقول المبدعة حول العالم.

الخطط الصينية الطموحة في التعليم العالي ليست مجرد شعارات فهي تشمل استثمارات بمليارات الدولارات وشراكات بحثية عابرة للقارات وبرامج لاستعادة الكفاءات الصينية المهاجرة.
هذا النهج قد يضع الجامعات الصينية في منافسة مباشرة مع نظيراتها الغربية خلال العقدين المقبلين لكن التحدي الأكبر أمام بكين هو بناء سمعة أكاديمية عالمية مستقرة وهو أمر يحتاج إلى وقت وتجارب ناجحة متكررة وقبول أوسع للأبحاث الصينية في المجتمعات العلمية الدولية.

لا يمكن إنكار أن الصين حققت طفرة أكاديمية هائلة جعلتها لاعبا أساسيا في التعليم العالي العالمي لكنها، حتى اللحظة، لم تزيح الجامعات الغربية عن قمة التميز الأكاديمي. المعركة لم تُحسم بعد، والمستقبل قد يشهد تغييرات جذرية في موازين القوى العلمية إذا واصلت بكين السير بخطوات ثابتة نحو الجودة النوعية لا مجرد التفوق العددي.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري ل UrKish News

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء تعطيل حاجب الإعلانات للاستمرار في استخدام موقعنا