
فريق UrKish News
الاتفاق الدفاعي الذي وقعته باكستان والمملكة العربية السعودية فتح بابًا واسعًا للنقاش في الأوساط السياسية والإعلامية إذ وُصف بأنه اتفاق مشابه لحلف شمال الأطلسي “الناتو“. هذا التشبيه لم يأت من فراغ بل يستند إلى طبيعة النصوص التي تضمنها الاتفاق حيث جرى التأكيد على أن أي اعتداء على أحد الطرفين سيُعتبر اعتداءً مشتركًا ويستوجب الرد العسكري الموحد.
قدّم المحلل السياسي البارز حامد مير عبر قناته على يوتيوب تحليلًا مطولًا تناول فيه خلفيات الاتفاق وأسبابه، ونوجز فيما يلي أبرز ما جاء فيه للقراء كما نشرته شبكة “Geo News” الباكستانية.
الناتو الذي يضم الولايات المتحدة و32 دولة أوروبية يقوم في جوهره على المادة الخامسة من ميثاقه. هذه المادة تُعد الأساس لسياسة “الدفاع الجماعي” وتنص على أن أي هجوم على دولة عضو هو هجوم على جميع الأعضاء. الاتفاق الباكستاني السعودي جاء بروح مشابهة، وإن كان محدودًا من حيث عدد الأطراف، إذ يقتصر حتى الآن على دولتين مع توقعات بانضمام دول خليجية أخرى وربما دول إسلامية من خارج المنطقة.
العلاقات الدفاعية بين الرياض وإسلام آباد ليست وليدة اللحظة. عام 1969، شارك الطيارون الباكستانيون في حماية الأجواء السعودية. عام 1979، استعانت المملكة بالقوات الخاصة الباكستانية لإنهاء أزمة الحرم المكي حيث نفذت قوات الكوماندوز عملية واسعة شاركت فيها قوات من دول أخرى.
في الثمانينيات، وأثناء الحرب العراقية الإيرانية، انتشرت قوات باكستانية بلغ عددها نحو 20 ألف جندي على الحدود السعودية بين 1982 و1987. الأكاديميات العسكرية الباكستانية مثل كاكول ورسالبور استقبلت أعدادًا كبيرة من المتدربين السعوديين على مدى سنوات.
هذا التاريخ الطويل من التعاون جعل الاتفاق الأخير خطوة طبيعية لإضفاء طابع رسمي وملزم على العلاقة الدفاعية القائمة منذ عقود.
توقيت الاتفاق يحمل دلالات عميقة. فالهجوم الإسرائيلي على قطر في 9 سبتمبر 2025 كان رسالة صادمة للمنطقة. وجود قواعد عسكرية أمريكية في الدوحة لم يمنع الاعتداء ولم تتحرك واشنطن لمنع إسرائيل أو لردعها. هذه الواقعة عززت القناعة لدى عدد من الدول العربية بأن الاعتماد على المظلة الأمنية الأمريكية لم يعد خيارًا مضمونًا.
إلى جانب ذلك، تزايد الحديث عن مشروع “إسرائيل الكبرى” الذي يطرحه بعض قادة اليمين الإسرائيلي. الخرائط المتداولة تشير إلى ضم أراضٍ من فلسطين، سوريا، الأردن، لبنان، العراق، مصر وأجزاء من السعودية. هذا المشروع الذي يقابله في جنوب آسيا مشروع “أكهنـد بھارت” (الهند الكبرى) لدى القوميين الهندوس، أثار قلقًا متزايدًا في العالمين العربي والإسلامي.
الرياض تدرك أن الخطر الإسرائيلي يقترب من حدودها وأن حماية المقدسات الإسلامية مسؤولية تتجاوز القدرات المحلية. من جانبها، ترى باكستان أن التحالف مع السعودية يوفر لها دعمًا سياسيًا واستراتيجيًا في مواجهة التحالف الهندي الإسرائيلي الذي تعتبره تهديدًا مباشرًا.
بحسب ما تسرب من الاجتماعات، أبلغت إسلام آباد الرياض بأن الهند تخطط لشن هجوم جديد على باكستان بدعم إسرائيلي. في المقابل، تواجه السعودية تهديدًا من إسرائيل ما جعل منطق التحالف يبدو أكثر إلحاحًا. بهذا الشكل، يخدم الاتفاق مصالح الطرفين إذ يواجه كل منهما خصمًا يرتبط بالآخر.
الاتفاق لا يُقرأ بوصفه ترتيبًا ثنائيًا فحسب بل باعتباره مقدمة لبناء منظومة دفاع إقليمي. هناك مؤشرات على قرب انضمام دولتين عربيتين جديدتين وربما دول إسلامية أخرى من خارج الخليج. مثل هذا التطور قد يُشكل نواة لتحالف أمني إسلامي في مواجهة التهديدات المشتركة بعد أن فقدت المظلة الأمريكية الكثير من مصداقيتها.
في المحصلة، الاتفاق الباكستاني السعودي يعكس تحولات كبرى في معادلات الأمن الإقليمي. فهو ليس مجرد اتفاق دفاعي تقني بل رسالة سياسية تقول: إن المنطقة بدأت تبحث عن بدائل أمنية نابعة من داخلها لا من خارجها.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري ل UrKish News.