الممرات النفطية الاستراتيجية تواجه خطرًا كبيرًا بالتعرض للاضطرابات نتيجة تصاعد الصراعات.

الهجوم الصاروخي الانتقامي الذي نفذته طهران ضد إسرائيل هذا الشهر يأتي كاستجابة مباشرة للحملة العدوانية التي قادها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ضد “محور المقاومة”، ويشكل تصعيدًا خطيرًا للصراع في الشرق الأوسط.
لا يزال رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو مصممًا على دفع الولايات المتحدة نحو مواجهة مع إيران، حتى لو أدى ذلك إلى إشعال حرب إقليمية قد تعرض الاستقرار العالمي للخطر.
يسعى رئيس الوزراء نتنياهو لتحقيق هذا الهدف منذ سنوات. على مدار العقد الماضي لم يتوقف عن المطالبة بعرقلة الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، بل وصل به الأمر إلى المطالبة بشن هجمات على المنشآت النووية الإيرانية.
واليوم وبعد مرور عام على الهجوم الإسرائيلي على غزة تستمر الأحداث في تصعيد التوتر نحو حرب إقليمية أكبر من خلال استهداف المسؤولين العسكريين الإيرانيين وحلفائهم مثل حزب الله وحماس.
وصل التصعيد الإسرائيلي إلى ذروته الشهر الماضي مع التفجير المنظم لأجهزة الاتصالات اللاسلكية والهواتف المحمولة في لبنان تلاه اغتيال زعيم حزب الله حسن نصر الله في هجوم كبير في بيروت.
قد يظن رئيس الوزراء نتنياهو أن جر الولايات المتحدة إلى حرب مع إيران سيعزز مسيرته السياسية ويجعله السياسي الإسرائيلي الذي أعاد تشكيل الشرق الأوسط لصالح أمن إسرائيل، لكن هذه الخطوة قد تكون كارثية على المنطقة والعالم.
سيترتب على هذا التأثير عواقب سياسية واقتصادية وإنسانية خطيرة، مما سيزيد من تسارع حالة عدم الاستقرار وربما يؤدي إلى انهيار النظام. كما سيؤدي توقف التجارة إلى زيادة الضغط على أنظمة المساعدات الإقليمية التي تعاني بالفعل، بالإضافة إلى حدوث نزوح جماعي وخسائر كبيرة في الأرواح.
تأثيرات متعاقبة
يتميز الشرق الأوسط بأهميته الجيوسياسية الفريدة حيث يضم ثلاثة من أبرز النقاط الاستراتيجية في العالم: مضيق هرمز، قناة السويس، ومضيق باب المندب. تمثل هذه النقاط مجتمعةً نحو نصف تجارة النفط الدولية المنقولة بحراً، وأي تدمير لها قد يشكل تهديدًا كبيرًا لاستقرار سوق الطاقة العالمي.
تمتلك الدول الغربية مصادر متعددة لواردات النفط، لكنها لن تكون محصنة ضد تقلبات الأسعار ومشاكل سلاسل التوريد. ومع معاناة الاقتصاد من ضغوطات كبيرة وانتشار التضخم بشكل واسع قد يؤدي هذا التأثير إلى حدوث اضطرابات اجتماعية.
قد تكون عواقب اندلاع صراع واسع النطاق في منطقة الشرق الأوسط خطيرة، حيث يمكن أن يؤدي ذلك إلى قطع طرق النفط. ستعاني الدول التي تعتمد على صادرات النفط مثل العراق والكويت والسعودية وقطر، من أزمة حادة نتيجة لهذه الأحداث.
تعتمد البحرين التي تمر سفنها عبر مضيق هرمز، على صادرات النفط لتلبية أكثر من 60% من ميزانيتها الوطنية، مما قد يؤدي إلى كارثة اقتصادية في حال إغلاق المضيق بالنسبة لهذه الدولة الخليجية الصغيرة.
تقوم المملكة العربية السعودية، التي تُعتبر أكبر مُصدّر للنفط في العالم، بنقل أكثر من 6 ملايين برميل يومياً عبر الممرات المائية الاستراتيجية في الخليج، مما يحقق لها عائدات تصل إلى مئات المليارات من الدولارات سنوياً.
تنتج الإمارات العربية المتحدة حوالي 3 ملايين برميل من النفط يومياً وتهدف إلى زيادة هذا الرقم ليصل تقريباً إلى الضعف في السنوات القليلة القادمة. أما قطر فتقوم بتصدير الغاز الطبيعي بقيمة تصل إلى 100 مليار دولار أمريكي سنوياً، في حين تعتمد الكويت على 62 مليار دولار أمريكي سنوياً مما يشكل 90% من إيراداتها الحكومية. وعلى صعيد آخر، حققت هيئة قناة السويس المصرية أكثر من 9 مليارات دولار أمريكي في العام الماضي، وتُعتبر 30% من الغاز الطبيعي الذي يمر عبر الممر المائي عن طريق باب المندب.
جميع هذه الدول تواجه خطرًا كبيرًا من تعطيل الممرات البحرية الحيوية وأي تصعيد في الحرب يؤدي إلى إغلاق هذه الطرق سيسبب ضربة قاسية وشاملة.
قد يؤدي فقدان الإيرادات بشكل مفاجئ إلى جانب تقليل الواردات المخصصة للاستهلاك المحلي، إلى نشوب اضطرابات اجتماعية، كما حدث في الدول الغربية. وستكون هذه الحالة أكثر حدة في دول الشرق الأوسط التي تعتمد بشكل كبير على الدعم؛ حيث إن استمرار الصراع قد يهدد التوازن القائم مما يؤدي إلى نقص في الإمدادات وزيادة التضخم.
تتمركز الولايات المتحدة في أكثر من اثني عشر بلداً في الشرق الأوسط مما يتيح لها الحفاظ على وجود استراتيجي كبير في المنطقة. وفي حال نشوب حرب شاملة قد تتحول القواعد العسكرية الأمريكية إلى أهداف للقوات المعادية، مما قد يؤدي إلى تورط الولايات المتحدة في مواجهة مباشرة ويزيد من حالة عدم الاستقرار.
من المتوقع أن ينخفض الاستثمار الأجنبي في الشرق الأوسط وهو جزء حيوي من استراتيجيات مثل رؤية السعودية 2030 التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد بعيدًا عن الاعتماد على النفط، وتحتاج إلى استثمارات أجنبية تقدر بحوالي 270 مليار دولار أمريكي. قد يؤدي انسحاب الشركات بسبب الوضع غير المستقر. كل هذا سيخلق فترة من عدم اليقين المتزايد في منطقة تعاني بالفعل من الاضطرابات.
Translated From: Middleeasteye
الآراء المعبر عنها في هذه المقالة تخص الكاتب ولا تعكس بالضرورة سياسة التحرير ل UrKish News