اقتصاد

المصانع المظلمة: ثورة صناعية أم تهديد للعمالة؟

منى مجدي

منذ بداية العقد الحالي من القرن الحادي والعشرين، لم يعد ما كنا نشاهده في أفلام الخيال العلمي ضربًا من الخيال، بل أصبح واقعًا ملموسًا يتجسد أمامنا يومًا بعد يوم. ومع كل تقدُّم تكنولوجي، يقترب العالم من مستقبل تتحكَّم فيه الآلات. فهل نحن أمام قفزة نحو الكفاءة والإنتاج، أم أن هذه الثورة تحمل في طياتها تهديدًا لملايين البشر؟ بحسب تقرير نشرته صحيفة TRT Haber التركية.

ما هي المصانع المظلمة؟

في خضم تلك التطورات التكنولوجية ظهر مصطلح “المصانع المظلمة”، تلك المنشآت التي تعمل بلا عمال وبلا توقف وبلا حتى إضاءة؛ فما الحاجة للإضاءة في مصانع تُديرها الروبوتات والذكاء الاصطناعي بشكلٍ كامل؟

دول تتصدر السباق التكنولوجي

نظرًا لما تقدمه تلك المنشآت الصناعية من مزايا تتمثل في زيادة الإنتاج، وخفض التكاليف، وتعزيز الكفاءة والحد من الأخطاء البشرية؛ فقد أصبحت محط اهتمام كثير من الدول الصناعية الكبرى وعلى رأسها الصين، حيث تسعى الحكومة الصينية إلى تحقيق ميزة تنافسية عالمية من خلال استثماراتها في منشآت التصنيع المدعومة بالذكاء الاصطناعي لا سيما في قطاعات الإلكترونيات وصناعة السيارات والصناعات الثقيلة. ولم تقتصر هذه التكنولوجيا على الصين وحدها، بل امتدت إلى دول أخرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية؛ حيث أصبحت المصانع المظلمة رمزًا للتحول الصناعي الجديد المدعوم بتقنيات الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء (IoT) وشبكات الجيل الخامس (5G) مما يجعل العمليات الإنتاجية أكثر ذكاءً وسرعة من أي وقت مضى.

الجانب المظلم للمصانع المظلمة

وبرغم ما تَعِدُ به المصانع المظلمة من كفاءة وإنتاجية غير مسبوقة، إلا أن المخاوف التي تحيط بها تبدو أشد ظلمة من اسمها نفسه، لا سيما عندما يتعلق الأمر بتأثيرها على المجتمع وسوق العمل. إذ يؤدي الاعتماد الكلي على نظام التشغيل الآلي والذكاء الاصطناعي إلى فقدان كثير من البشر لوظائفهم وتفاقم أزمة البطالة. كما يحذر العلماء من مدى خطورة السيطرة الكاملة للذكاء الاصطناعي في عمليات الإنتاج على الأمن السيبراني وإمكانية تعرض هذه الأنظمة للاختراق أو الأعطال الفنية. فما الذي قد يحدث إذا تعرض مصنع بالكامل إلى عطل برمجي أو اختراق إلكتروني؟ وكيف يمكن تفادي انهيار الإنتاج بسبب خطأ تقني؟

الدول النامية أمام موجة عاتية.. هل ستصمد أم سيجرفها تيار التغيير؟

ومن أهم التحديات التي يجب أن نصب جُلَّ تركيزنا عليها هو: ماذا عن مصير الدول النامية في ذلك السباق؟ ففي الوقت الذي تتسابق فيه الدول الكبرى لفرض هيمنتها في عصر المصانع المظلمة، تقف الدول النامية أمام مصير أحلك ظلمة، فهل ستتمكن من مواكبة هذا التطور أم أنها ستظل عالقة في دائرة التبعية الاقتصادية للدول الكبرى مستهلكةً ما تنتجه الآلات دون أن يكون لها دور في صناعته؟

لم تكن ظلمة تلك المصانع ناتجة عن انطفاء مصابيحها فحسب، بل عن انطفاء دور الإنسان فيها أيضًا. ففي خضم ذلك التطور، هل سنشهد تكاملًا بين الإنسان والآلة، أم أن الذكاء الاصطناعي سيمضي منفردًا في رسم ملامح المستقبل الصناعي ليصبح الإنسان عبئًا على سوق العمل بعد أن كان محركه الأساسي؟ وحدها الأيام ستخبرنا بما ستؤول إليه الأمور.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء تعطيل حاجب الإعلانات للاستمرار في استخدام موقعنا