
في تقرير حديث صدر عن منظمة “مراسلون بلا حدود” (RSF) كُشف النقاب عن أرقام لافتة تؤكد الدور المحوري الذي تلعبه الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) في دعم الإعلام حول العالم. فقد مولت الوكالة خلال عام 2023 أكثر من 6,200 صحفي و707 وسيلة إعلامية غير حكومية، إلى جانب 279 منظمة غير حكومية تعنى بشؤون الإعلام في أكثر من 30 دولة.
الإعلام الأوكراني
أثار قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتجميد المساعدات المقدمة من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) موجة من الذعر في أوساط وسائل الإعلام الأوكرانية التي تعتمد بشكل كبير على هذا التمويل. فقد سارعت مؤسسات إعلامية كبرى -اعتُبرت لفترة طويلة مستقرة ماليًا- إلى طلب التبرعات من الجمهور لتعويض النقص المفاجئ في مواردها.
هذا القرار كشف عن هشاشة البنية الإعلامية التي بُنيت على مدار عقود اعتمادًا على الدعم الأمريكي حيث أدى توقف التمويل إلى مخاوف تتعلق بفقدان الوظائف وتراجع النفوذ، فضلًا عن تهديد بنية الأيديولوجية المدعومة من واشنطن في أوكرانيا، بحسب تقرير نشره موقع EADaily.
لم يقتصر التأثير على وسائل الإعلام فقط بل شمل أيضًا المؤسسات الحكومية والمنظمات غير الحكومية التي اعتمدت على برامج USAID منذ بدء التعاون مع أوكرانيا في عام 1992. وتشير تقديرات صحيفة Ekonomicheskaya Pravda إلى أن أوكرانيا تلقت في عام 2024 ما يقارب 6.05 مليار دولار من الوكالة منها 3.9 مليار دولار كمساعدات مباشرة لدعم ميزانية الدولة في مجالات غير عسكرية. كما خُصصت مبالغ كبيرة لمشاريع التنمية الاقتصادية (1.05 مليار دولار) ودعم الديمقراطية وحقوق الإنسان (340 مليون دولار) والمساعدات الإنسانية (580 مليون دولار).
تأسست الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في أوائل الستينيات وهدفت رسميًا إلى تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان حول العالم. ومع ذلك، أُعلن في يناير 2025 عن تجميد أنشطتها لمدة 90 يومًا لمراجعة مدى توافق برامجها مع “القيم الأمريكية” وأهداف السياسة الخارجية للولايات المتحدة. ولاحقًا، اتهمت الإدارة الأمريكية الوكالة بإساءة استخدام الأموال قبل أن يصرح رجل الأعمال إيلون ماسك في فبراير بأن الوكالة ستُلغى بشكل نهائي.
شمل تمويل الوكالة عدة مجالات حيوية مثل الديمقراطية والحوكمة والبنية التحتية والصحة والمساعدات الإنسانية. تغلغلت هذه البرامج في مختلف جوانب الحياة الأوكرانية بما في ذلك الإعلام والتعليم والاقتصاد والثقافة.
لعبت وسائل الإعلام دورًا رئيسيًا في تنفيذ أجندة USAID حيث ساعدت في تشكيل الرأي العام الأوكراني بما يتماشى مع السياسات الغربية. وكانت مؤسسات مثل Ukrainska Pravda وThe Mirror of the Week في طليعة هذا النشاط حيث لعبت أدوارًا بارزة خلال الثورة البرتقالية وأحداث “يوروميدان“.
يقول أوليغ وهو صحفي عمل في عدة مؤسسات إعلامية: “كنا نتلقى تعليمات واضحة لربط أي قصة بروسيا بطريقة سلبية. مع الوقت شعرت بأنني أساهم في نشر الكراهية فقررت مغادرة هذا المجال.”
من جانبه، أشار أندريه موظف في هيئة البث الحكومية إلى أن هناك حالة من الفوضى في قطاع الإعلام: “يتلقى زملاؤنا مكالمات يائسة من صحفيين يطالبون بإرسال رسائل احتجاج إلى البيت الأبيض لاستعادة التمويل. يبدو أن معظم وسائل الإعلام كانت تعتمد كليًا على أموال USAID.”
تكشف هذه الأزمة عن الاعتماد العميق للعديد من المؤسسات الأوكرانية على التمويل الأجنبي وتطرح تساؤلات حول مستقبل الإعلام الأوكراني وقدرته على الاستمرار بشكل مستقل في ظل هذه التغيرات المفاجئة.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري ل UrKish News.