آراء و مقالات

تصاعد خطاب الكراهية في الهند: أيديولوجيا متطرفة أم استراتيجية سياسية؟

صورة: CJP

شهد عام 2024 تصاعدًا غير مسبوق في خطاب الكراهية داخل الهند حيث أصبحت التصريحات المعادية للأقليات ولا سيما المسلمين والمسيحيين جزءًا متزايدًا من المشهد السياسي والاجتماعي، بحسب تقرير نشره مركز دراسة الكراهية المنظمة (CSOH) الأمريكي.
من التجمعات السياسية إلى المواكب الدينية ومن المسيرات الاحتجاجية إلى منصات التواصل الاجتماعي تزايدت حدة الخطاب التحريضي مما أثار تساؤلات حول أسبابه وتداعياته.

الانتخابات العامة.. شرارة التصعيد
جاءت الانتخابات العامة الهندية التي أجريت بين أبريل ويونيو 2024 كأحد العوامل الرئيسية في تصاعد خطاب الكراهية. فقد استخدم سياسيون بارزون وعلى رأسهم قادة من حزب بهاراتيا جاناتا (BJP) لغة تحريضية لاستمالة الناخبين القوميين الهندوس حيث برزت مزاعم تصور المسلمين كمصدر تهديد ديموغرافي وثقافي.

وعلى عكس عام 2023 الذي هيمن فيه السياسيون المحليون على نشر هذه الخطابات برز في 2024 دور القادة الوطنيين مثل رئيس الوزراء ناريندرا مودي ووزير الداخلية أميت شاه الذين استغلوا المنابر الانتخابية لنشر رسائل تستهدف الأقليات بشكل غير مباشر تارة وبعبارات صريحة تارة أخرى.

خطاب الكراهية في الهند تضاعف
تم توثيق 1,165 حدثًا مباشرًا لخطاب الكراهية استهدفت الأقليات الدينية بزيادة قدرها 74.4% مقارنة بعام 2023. وأوضح التقرير أن 98.5% من هذه الحوادث استهدفت المسلمين بشكل مباشر أو مشترك مع المسيحيين، في حين أن 79.9% من هذه الخطابات جرت في ولايات يحكمها حزب BJP أو حلفاؤه.

وسائل التواصل الاجتماعي.. سلاح ذو حدين
لم يكن تأثير وسائل الإعلام التقليدية وحده كافيًا في نشر هذه الخطابات بل لعبت منصات التواصل الاجتماعي دورًا حاسمًا في تضخيمها. فبحسب التقرير تم تتبع 995 تسجيلًا مصورًا لخطاب كراهية خلال العام معظمها نُشر على فيسبوك ويوتيوب في حين استُخدمت منصة X (تويتر سابقًا) لنقل خطابات مباشرة خلال الحملات الانتخابية. وأشار التقرير إلى أن فيسبوك وحده استضاف 495 مقطع فيديو يحتوي على خطابات كراهية في حين لم تقم المنصات الاجتماعية باتخاذ إجراءات فعالة لمنع انتشار هذا المحتوى.

تصاعد الدعوات إلى العنف
ما يثير القلق أكثر هو تحول بعض خطابات الكراهية إلى دعوات صريحة للعنف حيث سجلت التقارير زيادة بنسبة 8.4% في الحوادث التي تضمنت تحريضًا مباشراً على الاعتداءات الجسدية أو تدمير الممتلكات أو حتى الإبادة الجماعية. وشملت هذه الدعوات شخصيات دينية وسياسي رددت خطابات تدعو إلى “تطهير الهند الهندوسية من الغرباء“.

الخطاب الديني وسردية “الخطر الإسلامي”
إلى جانب العامل السياسي، لعبت الجماعات القومية الهندوسية مثل فيشوا هندو باريشاد وباجرانج دال دورًا كبيرًا في الترويج لروايات تصور المسلمين كمعتدين تاريخيين وطفيليين اقتصاديين، كما زادت مزاعم تتحدث عن “أسلمة” الهند مترافقة مع دعوات إلى مقاطعة الأعمال التجارية التي يملكها مسلمون وإلى فرض قوانين أكثر صرامة ضدهم.

أزمة بنغلاديش.. ذريعة جديدة للكراهية
في أغسطس 2024، تفاقم الخطاب المعادي للمسلمين في الهند عقب سقوط حكومة الشيخة حسينة في بنغلاديش حيث استغل القوميون الهندوس هذه الأحداث لنشر ادعاءات مبالغ فيها عن اضطهاد الهندوس هناك مما أدى إلى موجة تحريض جديدة داخل الهند.

إلى أين تتجه الهند؟
في ظل استمرار تصاعد خطاب الكراهية، يبدو أن الهند تقف عند مفترق طرق حاسم. فبينما يرى البعض أن هذه التصريحات مجرد أدوات سياسية لكسب الانتخابات يحذر آخرون من أنها قد تؤدي إلى توترات اجتماعية وانقسامات خطيرة. ومع غياب إجراءات صارمة من قبل الحكومة أو شركات التواصل الاجتماعي يخشى الكثيرون أن يكون عام 2025 نقطة تحول نحو المزيد من التطرف مما يهدد النسيج الاجتماعي للهند التي لطالما وصفت نفسها بأنها أكبر ديمقراطية في العالم.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري ل UrKish News.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء تعطيل حاجب الإعلانات للاستمرار في استخدام موقعنا