آراء و مقالات

جامعة كولومبيا.. حرية التعبير والسياسة الخارجية الأمريكية

تعبيرية (columbiaspectator)

محمد دين جوهر

في لحظة فارقة من التاريخ الأمريكي، تتعرض واحدة من أعرق الجامعات الأمريكية جامعة كولومبيا (Columbia University) لهجوم سياسي واقتصادي غير مسبوق من إدارة الرئيس دونالد ترامب. هذا الهجوم لا يستهدف مؤسسة بعينها فحسب بل يعكس تحوّلًا جذريًا في بنية النظام السياسي والثقافي الأمريكي يقود نحو ما يشبه عودة الفاشية في ثوب حديث.

استجابت جامعة كولومبيا سريعًا لشروط إدارة ترامب مقابل منحة مالية ضخمة بلغت 400 مليون دولار ما أثار تساؤلات عميقة حول مستقبل حرية التعبير والتفكير الأكاديمي في الولايات المتحدة. إدارة ترامب لم تخفِ نيتها في إعادة تشكيل المشهد الأكاديمي وفق أولوياتها السياسية عبر فرض رقابة منهجية على المواضيع المسموح بحثها ووصم كل نقد لإسرائيل أو السياسات الخارجية الأمريكية بتهمة “معاداة السامية“.

جاء هذا التصعيد في أعقاب مظاهرات طلابية واسعة ضد الإبادة الجماعية في غزة شارك فيها أساتذة أيضًا. ورأت الإدارة أن ميادين معرفية مثل دراسات الشرق الأوسط أصبحت تشكل تهديدًا ما دفعها إلى ممارسة ضغوط هائلة على الجامعات وسط دعم من تيارات يمينية مسيحية وصهيونية داخل وخارج المؤسسات الحكومية.

السياسة الخارجية الأمريكية كذلك تشهد تحوّلًا مثيرًا للجدل مع طرح أفكار توسعية تشمل ضم كندا وغرينلاند وتكثيف الخطاب العدائي تجاه إيران وحلفائها. هذا التوجه التصعيدي الخالي من اللباقة الدبلوماسية يعزز القلق من اندلاع مواجهات عسكرية لا سيما وأن إدارة ترامب لا تُخفي استعدادها لاستخدام الأدوات الاقتصادية والعسكرية لفرض رؤيتها.

في الداخل، يُعاد تشكيل مؤسسات الدولة لتخدم الولاء الشخصي للرئيس وليس للدستور أو القوانين. تم تطهير الأجهزة البيروقراطية من معارضي ترامب وتعيين شخصيات موالية له في مناصب حساسة ما يعزز المخاوف من تحوّل الدولة إلى أداة بيد رجل واحد.

تشير المقارنات المتكررة بين الوضع الحالي في أمريكا وألمانيا النازية إلى قلق عميق من صعود فاشية جديدة قائمة على العنصرية البيضاء مدعومة من التيارات الصهيونية الإنجيلية. ولأول مرة، تتشكل حكومة أمريكية بالكامل من شخصيات تضع مصلحة إسرائيل قبل مصلحة وطنها.

الوضع في الشرق الأوسط يزيد الصورة قتامة؛ حيث المعركة الحقيقية تبدو الآن موجهة نحو تجريد المسلمين من أي قدرة ذاتية وهو ما قد يقود إلى هولوكوست جديد في ظل صمت دولي رهيب.

ما يحدث في جامعة كولومبيا ليس مجرد خلاف أكاديمي بل هو مؤشر على مسار خطر يسلكه النظام الأمريكي نحو الشمولية مستخدمًا الاقتصاد كسلاح والجامعات كساحات صراع والعالم كحلبة لفرض الهيمنة. إن لم يتم التدارك، فإن فاشية القرن الحادي والعشرين قد تكون أكثر فتكًا من نظيرتها في القرن الماضي، ليس فقط بسبب أدواتها المتطورة بل لأنها تتسلل تحت عباءة “الديمقراطية“.

المقال باللغة الأردية وتم نقله إلى اللغة العربية بواسطة عبدالرؤوف حسين، والآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري ل UrKish News.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء تعطيل حاجب الإعلانات للاستمرار في استخدام موقعنا