
تستمر حوادث إطلاق النار في المدارس في الولايات المتحدة بشكل مقلق تاركةً وراءها أسئلة عديدة حول الأسباب والحلول الممكنة. في مقابلة مع الخبير في الأمن القومي بجامعة فيرجينيا كومنولث “ويليام ف. بيلفري جونيور” يسلط الضوء على العوامل المعقدة التي تقف وراء هذا الظاهرة. بيلفري الذي يعمل أستاذًا في مجالات الأمن القومي والإرهاب يوضح أن الإجابة على سؤال “لماذا يحدث هذا بشكل مستمر؟” ليست بسيطة بل هي مزيج من عدة عوامل اجتماعية وسياسية وثقافية، وفق ما نقلت صحيفة VCU News بتاريخ 17 يونيو، 2022.
تعد الأسلحة النارية من أبرز الأسباب الرئيسية وراء تكرار حوادث إطلاق النار في المدارس. ففي الولايات المتحدة، هناك أكثر من 390 مليون سلاح ناري وهو عدد يفوق عدد السكان. هذه النسبة الكبيرة من الأسلحة تجعل من السهل الوصول إليها وهو ما يساهم في ارتفاع معدلات العنف. في العديد من البلدان الأخرى توجد قيود صارمة على بيع الأسلحة ولكن في الولايات المتحدة يمكن لأي شخص بالغ شراء أسلحة بسهولة بشرط أن يستوفي بعض الشروط البسيطة.
تعتبر وسائل التواصل الاجتماعي جزءًا أساسيًا من الأسباب التي تؤدي إلى زيادة حوادث العنف. حيث تساهم منصات مثل الإنترنت في نشر الأفكار المتطرفة وخاصة في الأوساط اليمينية المتطرفة حيث يُشجع البعض على العنف دفاعًا عن “الأسلوب الأمريكي في الحياة”. يوضح بيلفري أن العديد من مرتكبي حوادث إطلاق النار قد تأثروا بتلك الأفكار المتطرفة التي تنادي بالتصدي “للتهديدات” من خلال العنف.
من الأسباب الأخرى التي تشترك في وقوع حوادث إطلاق النار في المدارس هي التنمر والإقصاء الاجتماعي. غالبًا ما يكون الأطفال الذين يتعرضون للتنمر هم الأكثر عرضة للجوء إلى العنف كطريقة للانتقام. الدراسات تُظهر أن الضحايا الذين يشعرون بالعزلة الاجتماعية في المدرسة قد يلجؤون إلى العنف كرد فعل على معاناتهم. ولكن المدارس لا توفر حماية كافية لهذه الفئات ولا تتخذ الإجراءات الوقائية المناسبة.
يعتبر بيلفري أن الأسلحة الهجومية مثل البنادق الهجومية والمسدسات الهجومية من أخطر الأسلحة التي تُستخدم في حوادث إطلاق النار. ويؤكد أن هذه الأسلحة لا تُستخدم إلا في العنف ولا فائدة عملية لها في الحياة اليومية ما يجعل من غير المنطقي السماح للأفراد المدنيين بامتلاكها. في الوقت نفسه، لا تُتبع أي آلية ليتعقب أحد الجهات من يشتري هذه الأسلحة أو ماذا يفعل بها بعد شرائها مما يسهل الوصول إليها واستخدامها في الأفعال الإجرامية.
رغم المطالبات المستمرة بتشديد قوانين الأسلحة فإن المحاولات السياسية لتقييد ملكية الأسلحة تواجه مقاومة شديدة. يشير بيلفري إلى أن بعد حادثة “ساندي هوك” كان هناك ضغط واسع لتشديد قوانين الأسلحة لكن هذا الحافز تلاشى بسرعة. هذا التراخي التشريعي ساهم في ارتفاع مبيعات الأسلحة خاصة الأسلحة الهجومية حيث أصبحت تمثل جزءًا كبيرًا من مبيعات الأسلحة في الولايات المتحدة.
على الرغم من أن الحلول تبدو معقدة إلا أن بيلفري يشير إلى أهمية اتخاذ إجراءات أكثر فاعلية للحد من هذه الظاهرة. من بين هذه الحلول: تفعيل سياسات فحص أفضل لمن يرغبون في شراء الأسلحة والتشديد على ضرورة تدريب المعلمين أو موظفي المدارس على كيفية التعامل مع حالات الطوارئ. كما أن رفع مستوى الوعي حول مخاطر التنمر وضرورة التصدي له قبل أن يتفاقم يمكن أن يقلل من احتمالات وقوع مثل هذه الحوادث.
في النهاية، من الواضح أن حوادث إطلاق النار في المدارس في الولايات المتحدة ليست ظاهرة عشوائية بل هي نتيجة لمجموعة من العوامل المترابطة بما في ذلك سهولة الوصول إلى الأسلحة وتأثير وسائل التواصل الاجتماعي وعدم وجود إجراءات فعالة لمكافحة التنمر. ومع استمرار غياب الإرادة السياسية الجادة لتغيير الوضع الراهن، من المحتمل أن تستمر هذه الحوادث المأساوية في الحدوث.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري ل UrKish News.