الذهب في أجسامنا: حقيقة علمية أغرب من الخيال!

هل تصدق أن جسدك يحتوي على معدن ثمين كالذهب؟ قد يبدو الأمر أقرب إلى الخيال لكن العلم يؤكد أن كل إنسان يحمل في جسده ذرات صغيرة جداً من الذهب لا تُرى بالعين المجردة، لكنها موجودة بالفعل وتؤدي دوراً مهماً في بعض العمليات الحيوية.

0.2 ميليجرام فقط… لكنها كافية لتُثير الدهشة!
تشير الدراسات العلمية من بينها كتاب “العناصر” (The Elements) لعالم الكيمياء البريطاني جون إيمسلي، إلى أن الجسم البشري الذي يبلغ وزنه نحو 70 كيلوجراماً يحتوي على ما يقارب 0.2 ميليجرام من الذهب. ولو تم تنقية هذه الكمية وتجميعها فلن يتعدى حجمها مكعباً صغيراً لا يزيد طوله عن 0.22 مليمتر, كما أفاده موقع “Gold Traders” البريطاني.

رغم هذه الكمية الضئيلة، فإن للذهب دوراً بيولوجياً لا يُستهان به فهو موجود بشكل رئيسي في الدم ويرتبط ببعض الإنزيمات، كما يمكن أن يُسهم في نقل الإشارات الكهربائية بين الخلايا ويُعتقد أن له دوراً في دعم صحة المفاصل.

من الدم إلى العظام: أين يتواجد الذهب في أجسامنا؟
الذهب في جسم الإنسان لا يسبح حرّاً في الدم بل يكون مرتبطاً بجزيئات داخل الخلايا خصوصاً في الدم والعضلات والعظام. ويؤدي وظيفته في صمت ضمن شبكة معقدة من العناصر الدقيقة التي تحافظ على توازن الجسم.

مقارنة مع عناصر أخرى
بالنظر إلى مكونات الجسم، يتبين أن الذهب لا يُقارن من حيث الكمية بعناصر مثل:

الأوكسجين (43 كج): ضروري للتنفس والحياة.
الكربون (16 كج): أساس المركبات العضوية في الجسم.
الحديد (4 جرامات): مسؤول عن نقل الأوكسجين عبر الدم.

أما الذهب فيبقى في قاع القائمة بكمية لا تتجاوز 0.2 ميليجرام لكنه رغم ذلك ليس بلا أهمية.

ماذا لو جمعنا ذهب البشرية؟
تخيل أن كل سكان العالم البالغ عددهم نحو 8 مليارات شخص ساهموا بما في أجسامهم من ذهب. النتيجة؟ 1,600 كيلوجرام من الذهب — أي ما يعادل 128 سبيكة ذهبية تزن كل واحدة منها 12.5 كج. وتُقدّر قيمة هذا الذهب، حسب الأسعار الحالية بنحو 130 مليون جنيه إسترليني.

الذهب في الطب: من المفاصل إلى السرطان
بفضل خصائصه الكيميائية الفريدة مثل مقاومته للتآكل وقدرته العالية على توصيل الكهرباء، يُستخدم الذهب في المجال الطبي منذ عقود. فمركباته تُستعمل في علاج التهاب المفاصل الروماتويدي، بينما تدخل جزيئاته النانوية اليوم في علاجات دقيقة لأمراض السرطان حيث تُستخدم لنقل الأدوية مباشرة إلى الخلايا المصابة دون التأثير على الأنسجة السليمة.

لغز السيليكون المرافق
من الملاحظ أن جسم الإنسان يحتوي أيضاً على 1 جرام من السيليكون وهو عنصر غالباً ما يوجد في الطبيعة إلى جانب الذهب. ورغم ذلك، فإن وظيفته البيولوجية ما تزال غير مفهومة حتى اليوم ما يفتح الباب أمام المزيد من الأبحاث المستقبلية.

في الختام… الذهب الموجود داخلنا ليس رمزاً للندرة والثروة بل هو أيضاً مرآة دقيقة تُظهر مدى تعقيد جسم الإنسان وتفاعله العميق مع عناصر الطبيعة. وبينما لا يمكن أن نستخرج من أجسامنا سبيكة ذهب إلا أن مجرد وجود هذا العنصر الثمين بين خلايانا يذكّرنا بأننا – نحن البشر – مصنوعون من مادة مدهشة بالفعل.