آراء و مقالات

تصاعد التوتر بين تركيا وإيران بسبب علاقات طهران مع أكراد سوريا

صورة: kurdistan24

راغب سويلو

تشهد العلاقات بين تركيا وإيران مرحلة جديدة من التوتر بعد تصريحات أدلى بها وزير الخارجية التركي هاكان فيدان حذر فيها طهران من التعاون مع قوات سوريا الديمقراطية (SDF) التي تصنفها أنقرة كمنظمة إرهابية. تصريحات فيدان التي جاءت خلال مقابلة مع قناة الجزيرة العربية في 26 فبراير، أشعلت موجة من الجدل الإعلامي والدبلوماسي بين الجانبين.

قال فيدان في تصريحاته: إن السياسة الإيرانية المعتمدة على دعم الميليشيات المسلحة في المنطقة كلفت طهران أكثر مما جنت. وحذر من أن دعم إيران لأكراد سوريا قد يدفع تركيا بدورها إلى دعم جماعات داخل إيران. وأضاف: “إذا ألقيت حجراً على نافذة جارك فلا تتوقع أن تبقى نافذتك آمنة.”

تصريحات الوزير التركي لاقت استنكاراً سريعاً من طهران حيث اعتبرتها الخارجية الإيرانية “غير بناءة” وأكدت أن إيران لم تسعَ في العقود الأخيرة وراء أي أطماع توسعية في المنطقة. كما ذكّرت طهران بدورها في التصدي لمحاولة الانقلاب في تركيا عام 2016 وبدعمها لنزع سلاح حزب العمال الكردستاني (PKK).

على المستوى الدبلوماسي، دعت الخارجية الإيرانية السفير التركي في طهران لعقد اجتماع، أكدت فيه ضرورة تجنب التصريحات التي “تزيد التوتر وتضر بالعلاقات الثنائية”. وفي خطوة مقابلة، استدعت الخارجية التركية القائم بالأعمال الإيراني في أنقرة وعبّرت عن انزعاجها من انتقادات إيرانية علنية استهدفت سياسات تركيا في المنطقة.

ورغم حدة اللهجة، حرص الطرفان على استخدام مصطلح “دعوة” بدلاً من “استدعاء” في إشارة إلى رغبة متبادلة في احتواء الموقف وعدم التصعيد الرسمي.

التوتر الأخير ليس جديداً بل يأتي ضمن سياق تنافس إقليمي طويل بين تركيا وإيران وخاصة في الملف السوري. فرحيل الرئيس السوري بشار الأسد أواخر العام الماضي أحدث فراغاً سياسياً استغلته تركيا لتعزيز نفوذها في حين تقلصت مساحة التحرك الإيراني داخل سوريا.

تسعى أنقرة حالياً إلى هندسة تسوية بين قوات سوريا الديمقراطية ودمشق تقوم على دمج القوات الكردية ضمن الجيش السوري مع ترحيل قيادات حزب العمال الكردستاني إلى العراق. هذا المسار يُقابل بحذر وريبة من طهران التي ترى فيه محاولة تركية للاستحواذ الكامل على الملف السوري.

المتابعون لهذا الملف يرون أن تركيا لن تتسامح مع أي تقارب بين إيران والأكراد السوريين خاصة أن أنقرة تتهم طهران بعدم التعاون بشكل كافٍ في ضبط تحركات مسلحي حزب العمال الكردستاني عبر الحدود المشتركة. وفي المقابل، تعتبر طهران العمليات العسكرية التركية في سوريا والعراق “انتهاكاً للسيادة”.

ورغم أن إيران تصنف حزب العمال الكردستاني كتنظيم إرهابي، فإنها لا تطبق التصنيف ذاته على قوات سوريا الديمقراطية أو وحدات حماية الشعب (YPG) وهو ما يتماشى مع مواقف الولايات المتحدة ودول أوروبية.

ورغم حدة التصريحات المتبادلة، إلا أن الخبراء يؤكدون أن إيران لا ترغب في خسارة علاقاتها مع تركيا. فالبلدان يشتركان في مصالح اقتصادية وأمنية واسعة تجعل من خيار القطيعة أمراً مكلفاً لكليهما. وفي الوقت ذاته، تستخدم طهران علاقتها مع أكراد سوريا كورقة ضغط لخدمة أجندتها في سوريا وربما لإيجاد طرق جديدة للوصول إلى لبنان بعد تقييد خط الإمداد التقليدي عبر دمشق.

في النهاية، يبقى المشهد مفتوحاً على احتمالات متعددة مع استمرار التصعيد الإعلامي المتبادل في وقت يحرص فيه الطرفان على إبقاء قنوات الاتصال مفتوحة في ظل أوضاع إقليمية متوترة ومعقدة.

المصدر: المقال باللغة الإنجليوية وتم نقله إلى اللغة العربية بواسطة عبدالرؤوف حسين والآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري ل UrKish News.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء تعطيل حاجب الإعلانات للاستمرار في استخدام موقعنا