
نقلاً عن الموقع الإخباري التركي Yirmi dört بتاريخ 3 ديسمبر/ كانون الأول 2024
بادئ ذي بدء، تواصل تركيا تحقيق عديد من الإنجازات والتطورات الملحوظة يومًا بعد يوم؛ حيث تسير بخطى ثابتة نحو مستقبل أكثر إشراقًا من خلال تنفيذ مشاريع استراتيجية تعزز من مكانتها.
أقيم حفل افتتاح جماعي لـ 564 منشأة بتنظيم إدارة شئون المياه الحكومية DSİ. وخلال الحفل أكَّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن الوصول إلى مصادر المياه النظيفة يُعد مسألة بقاء، مشيرًا إلى أن التأخر في كثير من المجالات يمكن تعويضه، لكن التأخر في مجال المياه سيسفر عن نتائج لا تُعوَّض.
كما عبَّر أيضًا عن تطلعاته في أن تسهم هذه المشاريع في تحقيق الخير لتركيا، وأن تحقق نجاحًا في 77 مدينة. وأوضح التفاصيل الاقتصادية للمشاريع؛ إن إجمالي القيمة الاستثمارية لها تُقدَّر بـ 98 مليار ليرة تركية، وسيُوَفَّر 224 مليون متر مكعب من مياه الشرب سنويًا. وتشمل هذه المشاريع: 8 سدود، 48 بركة، سد جوفي واحد، 115 منشأة ري، 26 منشأة لمياه الشرب، محطة طاقة كهرومائية واحدة، بالإضافة إلى 15 مشروعًا لتوحيد الأراضي وخدمات تطوير داخل الحقول، و350 منشأة للتحكم في الفيضانات.
كذلك ستساهم المشاريع في حماية 484 منطقة سكنية و348 ألف هكتار من الأراضي من أضرار الفيضانات. سيُنتَج 128 مليون كيلو واط/ساعة من الطاقة؛ حيث تهدف المشاريع إلى زيادة قدرة تخزين المياه في البلاد، وحماية البيئة وتوليد الطاقة. وستُقدَّم مساهمة كبيرة للاقتصاد التركي تُقدَّر بحوالي 18 مليار ليرة سنويًا، وسيُفتتَح سد يوزغات إناندك وسد سورغون، مع ربطهما بشبكات مباشرة في وقت لاحق، مما يعني أن هذه السدود يُمكن أن تعزز من دعم مشاريع المياه والطاقة فيما بعد. كما عبَّر الرئيس أردوغان عن امتنانه وشكره لوزارة المياه والمديرية العامة لشؤون المياه على جهودهم في تنفيذ هذه المنشآت، ولجميع الإخوة الذين تحملوا المسؤولية في إتمام هذه الاستثمارات.
إن الماء كان له دور كبير في التاريخ والثقافة التركية، له قيمة رمزية في الحضارة التركية عبر العصور من خلال إحياء حدائق الحضارات بالماء، بالإضافة إلى إنشاء قنوات مياه لتوزيع المياه بشكل مجاني على الناس من خلال “الأوقاف المائية”.
أضاف أردوغان أيضًا في تصريحاته أهمية المياه من حيث الأهمية الثقافية قائلًا: “زيَّنَ فنانونا التشكيليون وخطاطونا أعمالهم بزخارف مستوحاة من الماء وانسيابيته، وقد أصبح الماء، بصفته نعمة نحيا بها، يحتل مكانة مميزة ورفيعة في رموز ثقافتنا”.
ومع تزايد استخدام المياه في مختلف المجالات مثل الزراعة والطاقة والنقل، أصبح الماء مصدرًا ذا أهمية استراتيجية متزايدة. ولكن هناك ضغط متزايد على هذه الموارد بسبب الطلب الكبير عليها. ذكر أردوغان أن 97.5% من المياه في العالم هي مياه مالحة (غير صالحة للاستخدام الآدمي/ للشرب)، بينما فقط حوالي 1% من المياه العذبة قابل للاستخدام الآدمي. ضمن هذا الـ 1%، فقط 0.1% من المياه العذبة على سطح الأرض هي مياه صالحة للاستخدام. في أماكن عدة، بما في ذلك تركيا، لا يزال يُنظر إلى المياه على أنها مورد غير محدود…
وهذه وجهة نظر خاطئة تمامًا، ولا أساس لها، وتُشكل تهديدًا، فالماء هو مصدر يتناقص ويتلوَّث بشكل مستمر؛ حيث تَتَواتَر التأثيرات البيئية مثل الاحتباس الحراري، والجفاف، والتصحُّر، والتغيُّر المناخي؛ محدثةً تهديدًا على مصادر المياه، وملقيةً بظلالها على هذه المصادر في العديد من المناطق. وفي الوقت نفسه، تساهم ثقافة الاستهلاك السريع والتهديدات الناتجة عن تلوث المياه في استنزاف المصادر المتاحة، مما يُعمِّق أزمة المياه ويزيد من تعقيدها على المدى الطويل. كان عدد سكان العالم حوالي 4 مليارات قبل 50 عامًا، واليوم تجاوز 8 مليارات. بينما يزداد عدد السكان، لم يشهد هطول الأمطار على الأرض أي زيادة، أصبحت غير كافية لتلبية احتياجات البشر، يُمكن أن يكون هناك تهديدًا كبير على البيئة والحياة بصفة عامة.
ذكر أردوغان: “في السنوات الأخيرة، أصبحنا نواجه الكوارث الطبيعية مثل الفيضانات، حرائق الغابات، والجفاف بشكل متكرر. دول حوض البحر الأبيض المتوسط هي الأكثر تعرضًا للتأثيرات المدمرة لتغيُّر المناخ. وبينما كانت مدن الجنوب والغرب لدينا تكافح حرائق الغابات، كانت مدن الشمال تعاني من الفيضانات. ومع تدهور النظام البيئي، تتحوَّل النعم إلى كوارث. السبب الرئيسي لتدهور الطبيعة هو الاستخدام الجائر للموارد والاستهلاك غير الواعي. يجب أن نرى المياه، والتربة، والهواء، وغاباتنا ليس كفرص للاستغلال بلا حدود، بل كأمانة يجب تسليمها للأجيال القادمة بعدنا. الوصول إلى مصادر المياه النظيفة هو قضية بقاء. يمكن تعويض التأخُّر في العديد من المجالات، ولكن أي تطور بسيط في موضوع المياه سيتسبب في نتائج يستحيل تعويضها. نحن من بين الدول التي تقدِّم أكبر دعم لمكافحة أزمة المناخ، ونسعى لزيادة الوعي المجتمعي من خلال مشروع “صفر نفايات” ونهدف إلى منع الهدر. سنواصل نضالنا بكل عزيمة حتى نصل إلى هدفنا المحدد للانبعاثات الصفرية الصافية لعام 2053″.
كما أضاف أنه إذا اهدِرَت المياه أو لم تُستخدَم بشكل واعٍ، فهذا يؤثر بشكل مباشر على الحياة؛ لأنها العامل الحيوي الذي يدعم الزراعة، وبالتالي أيضًا إنتاج الطعام. وانتقل بكلامه إلى الأحزاب المعارضة وعمدة البلديات معبرًا عن استيائه من عدم الاهتمام الكافي من قبل المعارضين تجاه الحفاظ على مصادر المياه؛ واصفًا إياهم بالمهملين، وأنهم يستغلون قضايا البيئة لأغراض سياسية، ولكن عندما يتعلق الأمر باتخاذ خطوات حقيقية لحماية البيئة، لا يقدمون أي خطوات ملموسة من شأنها معالجة مشاكلها.
ومن نافلة القول أن القرن الذهبي Haliç، أحد أبرز المعالم الجغرافية والتاريخية باستانبول، رغم ذلك فقد تعرَّض الخليج إلى الإهمال بعد وقوع حادث مفاجئ في أغسطس الماضي؛ حيث جرفت المياه كميات كبيرة من الأسماك النافقة لشاطئ الخليج وانتشار الروائح الكريهة وتضرر منها سكان عدد من المناطق المحيطة. مما أعاد الموقف إلى ما كان عليه الخليج منذ 30 عامًا؛ حيث أعادت حالة الخليج الحالية إلى ذهن الرئيس أردوغان الوضع الذي كان عليه قبل عام 1994 عندما تولَّى حزب العدالة والتنمية. ومنذ ذلك الحين نُفِذَت مشاريع عديدة لتطوير المنطقة. وأوضح أردوغان فيما يخص الحرائق التي نشأت في مناطق تحت مسؤوليتهم، كانت استجابتهم متأخرة، وبدلاً من الاعتراف بالتقصير، حاولوا التغطية على ذلك بإلقاء اللوم على الآخرين.
كذلك صرَّح أردوغان أنهم أنهوا مشروعًا تلو الآخر كان قد بقي على الرفوف المغبرة ووضعوها في خدمة الشعب، مشيرًا إلى أن من بين هذه المشاريع، سد تشين أيدنان مندريس الذي كان حلمًا استمر 150 عامًا، مشروع النفق الأزرق الذي كان حلمًا لقرون في سهل قونية، مشروع نقل المياه إلى جمهورية شمال قبرص التركية الذي أُطلق عليه مشروع القرن، وسد إيليصو بروفيسور الدكتور ويسيل أروغلي ومحطة الطاقة الكهرومائية، الذي يُعد أكبر سد في العالم في فئته، بالإضافة إلى ثلاثة من أعلى السدود في تركيا: سد يوسف إيلي، وسد ديرينر، وسد إرمنك، التي أصبحت رموزًا للفخر. وأنهم قاموا خلال 22 عامًا ببناء سدود وبرك جديدة، مما أدَّى إلى تخزين 50 مليار متر مكعب من المياه، ورفع كمية المياه المخزنة إلى 184 مليار متر مكعب. وأحرزوا تقدمًا كبيرًا في توحيد الأراضي؛ حيث قاموا بتوحيد 76 مليون فدان من خلال محطات الطاقة الكهرومائية، التي تعد مصدرًا محليًا ونظيفًا للطاقة، وأعدَّوا خطة عمل مياه الشرب لـ 81 محافظة لتلبية احتياجات جميع المحافظات من المياه حتى 2040.

كما شارك في الحفل نائب الرئيس التركي جودت يلماز، ونائبا رئيس حزب العدالة والتنمية حياتي يازجي وحسن بصري يالتشين، بالإضافة إلى نائب رئيس الكتلة البرلمانية للحزب محمد أمين أكباش أوغلي، ومحافظ أنقرة واصب شاهين، وعدد من النواب.
افتتح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بعد كلمته، ثلاث منشآت عبر تقنية الاتصال المباشر، شملت سد إيناندك في يوزغات، وسد سورغون في مرسين، وسد شهيد جوكهان إيريتش في ينيشارباديملي بإسبرطة. وتلا ذلك دعاء ألقاه نائب رئيس الشؤون الدينية إبراهيم حلمي كارسلي. ثم أجرى أردوغان مراسم الافتتاح الجماعي بقص الشريط الأحمر، بمشاركة وزير الزراعة والغابات إبراهيم يومقلي وعدد من وزراء الزراعة السابقين. وفي ختام الحفل، قُدم للرئيس أردوغان لوحة تذكارية تحمل الآية السادسة من سورة الإنسان.
عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا (6).
ختامًا، يسعى أردوغان إلى ضمان أن تظل تركيا تتمتع بموارد طبيعية صالحة للعيش والتنمية على المدى الطويل، ويواصل جهوده لتحسين الأوضاع البيئية بهدف توفير بيئة مستدامة تضمن استفادة الأجيال القادمة من الموارد الطبيعية دون استنزافها.
كتابة وإعداد: مريم أحمد