
تصاعد الجدل العالمي حول ضرورة الإفصاح عن المحتوى المُنتج باستخدام الذكاء الاصطناعي مع تراجع القدرة على التمييز بين عمل البشر وإنتاج الآلات خاصة في القطاعات الإبداعية.
وشهدت صناعة ألعاب الفيديو نقاشًا لافتًا حول الشفافية اعتبره مراقبون نموذجًا مبكرًا لما ستواجهه صناعات أخرى قريبًا، وفق مقال نشرته صحيفة “Financial Times” البريطانية.
في يناير 2024، فرض متجر ستيم، أكبر منصة رقمية لألعاب الحاسوب، على مطوري الألعاب الإفصاح عن استخدامهم لأدوات الذكاء الاصطناعي مع توضيح طبيعة هذا الاستخدام. وذكر الخبير في شؤون صناعة الألعاب إيشيرو لامب أن نحو ألف لعبة أعلنت استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي بحلول أبريل 2024. لاحقًا ارتفع العدد إلى أكثر من 11 ألف لعبة بما يعادل نحو 9 في المئة من إجمالي مكتبة ستيم.
وأظهرت البيانات أن المطورين يعتمدون على الذكاء الاصطناعي في مهام متعددة تشمل المساعدة في البرمجة وإعداد المواد التسويقية وتوليد العناصر البصرية والقوام وإنتاج الموسيقى الخلفية وإنشاء أصوات الشخصيات عبر تقنيات تحويل النص إلى كلام.
في المقابل، واجهت سياسة التصنيف انتقادات متزايدة من داخل القطاع. يرى منتقدون أن التصنيف فقد جدواه مع تحول الذكاء الاصطناعي إلى أداة شائعة في جميع مراحل التطوير. وكتب تيم سويني، الرئيس التنفيذي لشركة إيبك غيمز، أن تصنيف المحتوى في متاجر الألعاب غير عملي نظرًا لاعتماد الإنتاج المستقبلي على الذكاء الاصطناعي بشكل واسع.
وأعرب مطورون مستقلون عن مخاوفهم من تعرض ألعابهم لهجمات تقييم سلبية بسبب الإفصاح رغم استخدامهم الذكاء الاصطناعي لتعويض نقص الموارد مقارنة بالشركات الكبرى. كما أشار آخرون إلى صعوبة التحقق من صدق الإفصاحات ما يجعل الالتزام بها عبئًا أخلاقيًا على فئة محددة فقط.
ويعكس هذا الجدل انقسامًا واضحًا في المواقف العامة. فبينما لا يبدي بعض اللاعبين أي اعتراض على استخدام الذكاء الاصطناعي يربطه آخرون بانخفاض الجودة أو بقلة الجهد البشري. وتتركز اعتراضات إضافية حول تدريب النماذج على أعمال بشرية دون إذن إلى جانب القلق من فقدان وظائف في مجالات التطوير والفن والأداء الصوتي.
وتدعم استطلاعات الرأي هذا الانقسام. فقد أظهر مسح لمركز بيو للأبحاث أن 49 في المئة من الأمريكيين يقل إعجابهم بالأعمال الفنية عند اكتشاف إنتاجها بالذكاء الاصطناعي مقابل 48 في المئة لا تتغير آراؤهم. وسجل الشباب مواقف أكثر حدة، إذ عبّر 66 في المئة ممن تقل أعمارهم عن 30 عامًا عن تراجع إعجابهم مقارنة بـ 36 في المئة فقط لمن تجاوزوا 65 عامًا.
ويرى محللون أن الشفافية تظل خيارًا عمليًا لأنها تتيح للمستهلكين اتخاذ قرارات واعية وتمنح المبدعين من البشر فرصة للحفاظ على جمهورهم لكن تجربة ألعاب الفيديو توضح أن المسألة أعقد من ملصق بسيط.
وقال لامب إن استخدام الذكاء الاصطناعي ليس حالة واحدة بل طيف واسع يبدأ من توليد كامل للمحتوى البصري وينتهي بمساعدة محدودة في حل مشكلات تقنية وأكد أن تقبل الجمهور يختلف بحسب نوع الاستخدام ووضوحه.
واختتم بالقول إن الحل الأقرب للتطبيق يتمثل في تصنيفات أكثر تفصيلًا تشرح بدقة دور الذكاء الاصطناعي في عملية الإنتاج بما يسمح للجمهور بتحديد ما يريده وما يرفضه.
Web Desk




