ساره جونسون – في إنجاز علمي غير مسبوق نجح فريق البحث في مصادم الهادرونات الكبير (LHC) في سيرن (CERN) بسويسرا في رصد الكواركات العلوية لأول مرة في تاريخ العلم. هذا الاكتشاف المذهل يمثل خطوة هامة نحو فهم أعمق للمادة ويعد تحولًا كبيرًا في دراسة الكون وظهوره بعد الانفجار العظيم.
ما هي الكوارك العلوية؟
الكواركات هي جزيئات أساسية تُشكّل البروتونات والنيوترونات والمكونات الأساسية لنوى الذرات. من بين ستة أنواع من الكواركات تُعد الكوارك العلوي الأثقل والأكثر صعوبة في الدراسة بسبب استقراره الضعيف. يتفكك الكوارك العلوي بسرعة كبيرة جدًا (في 5×10^-25 ثانية) مما يجعل من الصعب رصده في الطبيعة، ليُعزز من أهمية هذا الاكتشاف في بيئة مصادم الهادرونات الكبير.
مصادم الهادرونات الكبير واستكشاف الكون
يعتبر مصادم الهادرونات الكبير أكبر مسرع جزيئات في العالم حيث يُعيد محاكاة الظروف التي كانت موجودة بعد الانفجار العظيم من خلال اصطدام الجزيئات بسرعات قريبة من سرعة الضوء. واحدة من التجارب الرائدة في المصادم تشمل اصطدام أيونات الرصاص التي تنتج بلازما الكوارك-غلوون، وهي حالة المادة التي كانت سائدة في اللحظات الأولى بعد الانفجار العظيم.
أهمية الاكتشاف
ملاحظة الكوارك العلوي توفر للعلماء أداة قيّمة لفهم تطور البلازما الأولية التي تشكلت بعد الانفجار العظيم. وتتيح هذه الملاحظات دراسة تفكك الكوارك العلوي مما يساعد في استكشاف كيفية تفاعل الكواركات والغلوونات تحت ظروف شديدة من الحرارة والضغط، وبالتالي يكشف المزيد عن أسرار الكون المبكرة.
الآفاق المستقبلية
هذا الاكتشاف يمثل بداية فصل جديد في أبحاث فيزياء الجسيمات إذ يسعى العلماء الآن إلى دراسة تفكك الكوارك العلوي بشكل أكثر تفصيلًا واكتشاف منتجاته مثل بوزون W. تشير التوقعات إلى أن هذه الدراسات ستفتح أمام الباحثين أفقًا أوسع لفهم خصائص المادة وتساعد في استكشاف ظواهر مثل المادة المظلمة والطاقة المظلمة.
يعد اكتشاف الكوارك العلوي في مصادم الهادرونات الكبير حدثًا فارقًا في مجال فيزياء الجسيمات. إذ من خلال دراسة هذه الجزيئات الأساسية يأمل العلماء في الإجابة على العديد من الأسئلة الغامضة حول الكون ما يساعد في رسم صورة أكثر وضوحًا عن نشأة الكون وقوانينه الأساسية.
