الميكروبلاستيك في كل مكان: كيف يمكننا الحد من التعرض له؟

في عالمنا الحديث، أصبح البلاستيك جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية لكنه في المقابل يشكل تهديدًا غير مرئي لصحتنا. الجسيمات البلاستيكية الدقيقة أو ما يعرف بـالميكروبلاستيك (Microplastics) تغزو كل شيء من الطعام والشراب إلى الهواء الذي نتنفسه وحتى دم الإنسان. نظرًا لأن البلاستيك لا يتحلل بيولوجيًا، فإنه يستمر في التفكك إلى أجزاء أصغر فأصغر مما يزيد من خطر التعرض له.

كشفت دراسة نُشرت في ديسمبر 2023 في مجلة التلوث البيئي (Environmental Pollution) أن البشر قد يستهلكون ما يصل إلى 3.8 مليون جسيم بلاستيكي سنويًا من اللحوم وحدها. وتشير الأبحاث إلى أن التعرض المستمر لهذه الجسيمات قد يكون له تأثيرات سلبية على صحة الدماغ والخصوبة والميكروبيوم المعوي. ومع ذلك، فإن هذا الخطر المتزايد لا يعني أننا عاجزون أمامه فهناك خطوات عملية يمكن اتخاذها للحد من التعرض لهذه المواد، وفق ما نشره موقع “Fortune“

تجنب زجاجات المياه البلاستيكية وغلي الماء
أظهرت دراسة نشرتها مجلة العلوم والتكنولوجيا البيئية (Environmental Science & Technology) عام 2019 أن شرب المياه المعبأة في زجاجات بلاستيكية يمكن أن يرفع معدل استهلاك الميكروبلاستيك إلى 90,000 جسيم سنويًا، بينما يمكن تقليل هذا الرقم إلى 4,000 جسيم فقط عند الاعتماد على مياه الصنبور.

ولتعزيز السلامة، توصلت دراسة حديثة عام 2024 إلى أن غلي مياه الصنبور يمكن أن يزيل أكثر من 80% من الجسيمات البلاستيكية الدقيقة والنانوية مما يجعلها وسيلة فعالة للتقليل من المخاطر.

انتقاء أكياس الشاي بعناية
هل تعلم أن كوب الشاي الذي تشربه يوميًا قد يكون مصدرًا خفيًا للجسيمات البلاستيكية؟ فقد وجدت دراسة حديثة أن أكياس الشاي المصنوعة من البولي بروبيلين تطلق 1.2 مليار جسيم بلاستيكي لكل مليلتر من الشاي، بينما تطلق الأكياس المصنوعة من النايلون-6 حوالي 135 مليون جسيم وأكياس السليلوز حوالي 8.2 مليون جسيم بلاستيكي نانوي.

لتجنب هذه المخاطر، يوصي الخبراء باستخدام الشاي السائب بدلاً من الأكياس البلاستيكية مع اختيار مصفاة معدنية أو مصنوعة من السيليكون الغذائي. كما يمكن الاعتماد على العلامات التجارية التي لا تستخدم البلاستيك في أكياسها، مثل:

Traditional Medicinals
Pukka
Numi Teas
Republic of Tea
Stash
Yogi Tea

الحد من استخدام البلاستيك في المطبخ
يعد البلاستيك المستخدم في الطهي والتخزين من أكثر مصادر الميكروبلاستيك خطورة حيث يؤدي تسخين الطعام في أوعية بلاستيكية إلى تسرب الجسيمات الدقيقة إلى الطعام. ويوصي الخبراء باستخدام بدائل أكثر أمانًا، مثل:

– حاويات زجاجية أو معدنية بدلاً من البلاستيكية.
– أدوات طهي خشبية، معدنية أو من السيليكون الغذائي.
– تجنب تخزين الطعام الساخن في البلاستيك حيث يزيد ذلك من معدل تحلل الجسيمات البلاستيكية.

تجنب مستحضرات التجميل المحتوية على البلاستيك
تحتوي العديد من مستحضرات التجميل والعناية الشخصية على الفثالات وهي مواد كيميائية ضارة يمكن أن تعطل عمل الهرمونات في الجسم. كما تحتوي بعض المنتجات على الميكروبيدات وهي جسيمات بلاستيكية دقيقة تُستخدم في مقشرات الوجه والجسم.

ولتقليل التعرض لهذه المركبات، يمكن الاستعاضة عن المنتجات التقليدية ببدائل خالية من البلاستيك مثل الشامبو الصلب والصابون الطبيعي وألواح تنظيف الوجه.

الحفاظ على نظافة المنزل والحد من الأقمشة الصناعية
تعد جزيئات البلاستيك العالقة في الهواء المنزلي والغبار أحد أكبر مصادر التعرض للميكروبلاستيك. ووفقًا لوكالة حماية البيئة الأمريكية (EPA) فإن الملابس المصنوعة من البوليستر والأكريليك والنايلون والإسباندكس تطلق كميات هائلة من الألياف البلاستيكية الدقيقة عند الغسيل والتجفيف.

للتقليل من هذا التعرض، يمكن اتباع التوصيات التالية:

– غسل الملابس بمعدل أقل، ويفضل باستخدام الماء البارد وفترات قصيرة.
– استخدام مرشحات خاصة للغسالات أو أكياس غسيل تلتقط الألياف الدقيقة.
– اختيار ملابس مصنوعة من القطن العضوي والصوف أو الكتان.
– تنظيف المنزل بانتظام بالمكنسة الكهربائية للحد من انتشار الغبار البلاستيكي.
– خلع الأحذية عند دخول المنزل لتقليل دخول الملوثات من الخارج.

ختامًا: هل يمكننا فعلاً الهروب من الميكروبلاستيك؟
قد يبدو من الصعب تجنب الجسيمات البلاستيكية الدقيقة تمامًا لكنها ليست قدرًا محتومًا. عبر اتخاذ قرارات مدروسة بشأن استهلاكنا اليومي—من اختيار المياه والشاي والأواني، إلى الملابس ومستحضرات التجميل—يمكننا تقليل تعرضنا لهذه الجسيمات وحماية صحتنا على المدى الطويل.