
لطالما ارتبطت الهواتف الذكية بعلاقة معقدة مع الشباب وبات استخدامها جزءًا لا يتجزأ من حياتهم اليومية. غير أن الجيل الذي نشأ في العصر الرقمي دون معرفة الحياة قبل وسائل التواصل الاجتماعي بدأ يدرك اليوم التأثير العميق لهذه المنصات على حياته ما دفعه للبحث عن تغيير حقيقي.
بحسب تقرير نشرته صحيفة “The Guardian“، كشف مركز أبحاث مشروع بريطانيا الجديدة أن ثلثي الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و24 عامًا يرون أن وسائل التواصل الاجتماعي تضر أكثر مما تنفع، بينما يرغب ثلاثة أرباعهم في فرض قيود أكثر صرامة لحماية الأجيال القادمة. وأفاد نصف المستطلعين بأنهم أمضوا وقتًا أطول مما ينبغي على هذه المنصات خلال طفولتهم مع تزايد الشعور بالندم لدى من بدأوا استخدامها في سن مبكرة.
في ظل هذا التحول، يناقش البرلمان البريطاني مشروع قانون لتعزيز الاستخدام الآمن للهواتف قدمه النائب العمالي جوش ماكاليستر. وعلى الرغم من أن النسخة الأولية كانت تهدف إلى رفع الحد الأدنى القانوني لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي من 13 إلى 16 عامًا، فإن المشروع الحالي يقتصر على التزام الحكومة بإجراء دراسات إضافية حول هذا الاقتراح وتقديم إرشادات جديدة بشأن وقت استخدام الأطفال للشاشات.
لكن بعيدًا عن التشريعات، بدأ الشباب أنفسهم في اتخاذ خطوات للحد من الإدمان الرقمي وإعادة اكتشاف متعة الحياة الواقعية. فقد انتشرت فعاليات مثل حفلات خالية من الهواتف ومجموعات قراءة ولقاءات اجتماعية تهدف إلى تشجيع التواصل المباشر. كما أسست الكاتبة أديل زينب والتون نادي Logging Off Club الذي يجمع الأشخاص الساعين إلى تقليل استخدام الهواتف حيث يتم جمع الأجهزة عند الباب لتعزيز التفاعل الواقعي.
فإن هذه الظاهرة لا تقتصر على مجرد رفض للمحتوى الضار عبر الإنترنت بل تعكس إدراكًا متزايدًا لدى جيل زد (Generation Z) بأن الإدمان على الهواتف أفقدهم جزءًا من إنسانيتهم. تدرك والتون التي ستصدر كتابها Logging Off في يونيو أن جيلها وقع ضحية “كذبة الاتصال” حيث قضى سنوات يتحدث مع أشخاص لم يلتقِ بهم أبدًا، بينما لا يعرف حتى جيرانه في الواقع. هذا الإدراك المتزايد يدفع كثيرين من جيل زد إلى البحث عن روابط اجتماعية أعمق وأكثر واقعية في محاولة لاستعادة الحياة التي كادوا أن يفقدوها بين شاشاتهم.
Web Desk