اقتصاد

الأسواق المالية تهتز مجددًا: هل يلوح في الأفق شبح أزمة 2008؟

تعبيرية (linkedin)

نيك بيمز

تشهد الأسواق المالية العالمية حالة من القلق المتزايد وسط مخاوف من تكرار سيناريو الأزمة المالية العالمية لعام 2008، وذلك في أعقاب الانهيار الحاد الذي شهدته البورصات خلال الأسبوع الماضي نتيجة التصعيد في الحرب التجارية التي يقودها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضد شركاء اقتصاديين رئيسيين حول العالم.

افتتحت الأسواق الآسيوية تداولاتها هذا الأسبوع على انخفاضات حادة حيث تراجعت المؤشرات اليابانية بأكثر من 7% في حين هبطت الأسواق في أستراليا وكوريا الجنوبية بما يفوق 5%. وفي الولايات المتحدة، كشفت صحيفة وول ستريت جورنال أن حوالي 6.6 تريليون دولار من القيمة السوقية للأسهم قد تم محوها ما يجعل هذا الانهيار رابع أكبر تراجع في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية بعد أزمات 1987، و2008، و2020.

يتزايد القلق من دخول الاقتصاد الأمريكي في حالة ركود في ظل التوقعات بأن تؤدي الرسوم الجمركية إلى ارتفاع التضخم وتقليص ثقة المستهلك وتعطيل قرارات الاستثمار والتوظيف لدى الشركات. وقد بدأت بعض الشركات فعليًا في تسريح العمال وتقليص أنشطتها.

وفي تقرير صادر عن بنك جي بي مورغان بعنوان “سيكون هناك دم” رُفعت احتمالية وقوع ركود اقتصادي عالمي إلى 60% بعدما كانت 40% فقط. كما توقّع البنك انكماش الاقتصاد الأمريكي بنسبة 0.3% مع نهاية العام بعدما كانت التوقعات تشير إلى نمو بنسبة 1.3%. وبيّن التقرير أن معدل البطالة قد يرتفع من 4.2% إلى 5.3% ما يعادل نحو 1.8 مليون شخص إضافي سيفقدون وظائفهم.

في مواجهة هذه المؤشرات، خرج مسؤولون من إدارة ترامب ليؤكدوا أن الرسوم الجمركية الجديدة ليست وسيلة تفاوضية مؤقتة بل تمثل تحوّلًا استراتيجيًا يهدف إلى إعادة تشكيل النظام التجاري العالمي. وأوضح وزير الخزانة سكوت بيسينت أن هذه الإجراءات ستستمر وأن أكثر من 50 دولة طلبت إجراء مفاوضات مع البيت الأبيض دون جدوى. وأضاف أن الرئيس ترامب لا يعتزم التراجع عن هذه السياسات التي تهدف إلى “تصحيح سنوات من السلوك السيء” على حد وصفه.

الرئيس ترامب شدد عبر منشور على وسائل التواصل الاجتماعي أن سياساته التجارية “لن تتغير أبدًا” بينما أكد وزير التجارة هوارد لوتنيك أن الرسوم الجمركية الجديدة التي تصل إلى 46% على فيتنام وأكثر من 70% على الصين عند احتساب الرسوم السابقة ستدخل حيز التنفيذ في 9 أبريل دون تأجيل. وقال لوتنيك: “الرئيس لم يكن يمزح. الرسوم قادمة ولن يتم تأجيلها. هو بحاجة لإعادة ضبط التجارة العالمية.”

وتستند هذه الإجراءات إلى أمر تنفيذي أعلن فيه ترامب حالة “طوارئ وطنية” اقتصادية معتبرًا أن النظام التجاري الذي نشأ بعد الحرب العالمية الثانية والذي ركز على خفض الحواجز الجمركية، قد استند إلى افتراضات خاطئة. وجاء في الأمر التنفيذي أن هذا النظام ساهم في إضعاف القدرات الصناعية الأمريكية وجعلها معتمدة على خصوم أجانب في تأمين مستلزماتها الدفاعية.

رغم تجاهل الإدارة الأمريكية لتحذيرات الأسواق، فقد أظهرت المؤشرات المالية رد فعلًا عنيفًا. وأفادت جولدمان ساكس بأن التوقعات تشير إلى ارتفاع متوسط الرسوم الجمركية الأمريكية بنحو 20 نقطة مئوية اعتبارًا من الثاني من أبريل بعد إعلان ترامب لما وصفه بـ”يوم التحرير”.

وأشارت صحيفة نيويورك تايمز إلى أن مستثمرين ومصرفيين ومديري صناديق أعربوا عن شعورهم بأن ما يحدث يعيد إلى الأذهان الأزمة المالية لعام 2008، خاصة بعد التراجع الحاد في السوق الأمريكي بنسبة 10% خلال يومين فقط. وقال أحد مديري صناديق التحوط في نيويورك: “الأمر يبدو وكأنه نسخة مكررة من 2008”.

ترافق هذا التراجع مع ارتفاع في طلبات تغطية الهوامش المالية وهي مطالبات البنوك للمستثمرين بزيادة الضمانات للاستمرار في عملياتهم مما يدل على تراجع السيولة وارتفاع المخاطر. وأفاد أحد المستثمرين في رأس المال المغامر الذي رفض الكشف عن هويته: بأن محفظته الاستثمارية فقدت 1.5 مليار دولار من قيمتها إذا ما أمكن بيعها أصلًا في الظروف الحالية.

مهما كان رد فعل السوق في وول ستريت خلال الأيام القادمة، فإن المؤشرات تدل على أن الأزمة لن تنتهي قريبًا. في ظل استمرار التصعيد التجاري وغياب أفق واضح للتراجع يبدو أن الاقتصاد العالمي مقبل على مرحلة جديدة من التوتر وعدم الاستقرار المالي.

المصدر: المقال باللغة الإنجليزية وتم نقله إلى اللغة العربية بواسطة عبدالرؤوف حسين، والآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري ل UrKish News.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء تعطيل حاجب الإعلانات للاستمرار في استخدام موقعنا