
آصف محمود
في تحليل عميق يتجاوز السطح السياسي ويغوص في أعماق الواقع الفلسطيني، كتب الصحفي البريطاني المخضرم ديفيد هيرست (David Hirst) مقالًا لافتًا يؤكد فيه أن ما يحدث في غزة لا يمكن فهمه بمنطق الانسحاب أو الاستسلام بل هو معركة وعي وصمود وشرف وأن غزة ليست كغيرها من الساحات الفلسطينية.
يقول هيرست: “إذا كان بنيامين نتنياهو يظن أن أهالي غزة سيتصرفون كما فعلت غيرهم ويقبلون بالمال مقابل الصمت فهو واهم. لا يدرك نتنياهو أنه يواجه عدوًا من طراز مختلف لا يخضع لحسابات الربح والخسارة بل يؤمن بأن وجوده مرهون بالمقاومة”.
فقاعة الغرب… وعتمة الواقع
يتحدث هيرست عن المفارقة المؤلمة بين ما يعيشه المجتمع الإسرائيلي والغربي من رفاهية وهدوء وبين ما يعانيه سكان غزة من دمار وقتل وتشريد، قائلاً:
“إسرائيل هي فقاعة الغرب حيث يجلس الناس لاحتساء القهوة وممارسة اليوغا غير مدركين أن على بعد كيلومترات قليلة فقط تقع واحدة من أعظم المآسي الإنسانية في التاريخ المعاصر. هؤلاء لا يعرفون أن غزة لن تستسلم. لأن من فيها ليسوا كغيرهم”.
ويضيف: “غزة لن ترفع الراية البيضاء. لقد دُمِّرت بالكامل قُتل أكثر من خمسين ألفًا، لم يُبقوا على مدرسة أو مستشفى ومع ذلك لم تنكسر غزة، لأنها تدرك أن مقاومتها هي سر وجودها. المقاومة هي غزة وغزة هي المقاومة”.
ويتابع: “غزة اختارت طريقًا مختلفًا لأنها تمثل آخر حصن للمقاومة المقدسة وسكانها يدركون تمامًا أنهم حراس هذا الحصن وقد قرروا ألا يستسلموا حتى آخر رجل”.
مقاومة ذات بُعد عقائدي
يرى هيرست أن مقاومة غزة ليست نتاج ظروف آنية ولا مجرد رد فعل عاطفي بل هي قرار استراتيجي نابع من عقيدة وإيمان، ويقول:
“ما يجري في غزة ليس له علاقة بالمكاسب المادية أو حتى بالمشاعر القومية. هذه مقاومة تستمد شرعيتها من قدسية المسجد الأقصى ومن شعور عميق بالمسؤولية تجاهه. ولذلك، لا مجال هنا للحديث عن الاستسلام”.
ويختم مقاله برسالة واضحة: “المقاومة في غزة لن تنتهي. لن يكون هناك استسلام، لا اليوم ولا غدًا. لأن غزة ليست كغيرها الذي يرضى بالمساومات، هذه غزة، وغزة تبقى غزة”.
من هو ديفيد هيرست؟
جدير بالذكر أن ديفيد هيرست هو صحفي بريطاني مرموق يعد من أبرز الأصوات المتخصصة في شؤون الشرق الأوسط وخاصة القضية الفلسطينية. تخرج من جامعة أكسفورد وعمل في مؤسسات كبرى مثل صحيفة “الجارديان” البريطانية. لا يكتب من وراء المكاتب بل ينقل الواقع من الميدان وقد تعرض للاختطاف مرتين أثناء تغطيته لحرب بيروت.
من مؤلفاته البارزة:
النفط والرأي العام في الشرق الأوسط (Oil and Public Opinion in the Middle East)
البندقية وغصن الزيتون (The gun and the olive branch)
ويُعرف في الأوساط الصحفية بلقب “صوت العقل” في قضايا الشرق الأوسط.
المقال باللغة الأردية وتم نقله إلى اللغة العربية بواسطة ثاقب احمد، والآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري ل UrKish News.