حوارمنوعات

اغتيال تشارلي كيرك يفتح ملف الانقسام العميق داخل الولايات المتحدة

تشارلي كيرك ودونالد ترامب (ABC News)

أمينة أحمد

شهدت الولايات المتحدة أمس حادثة اغتيال سياسي أثارت جدلا واسعا حيث قُتل تشارلي كيرك (Charlie Kirk)، الناشط المعروف بقدراته الكبيرة في المناظرات وبنشاطه المؤثر في صفوف الشباب المؤيدين للرئيس دونالد ترامب.
مكانته بين المحافظين، خصوصا فئة الشباب، جعلت اغتياله حدثا يتجاوز البعد الأمني ليطرح أسئلة عميقة حول المشهد السياسي والاجتماعي الأمريكي.

البعد الأول يرتبط بظاهرة التطرف داخل أمريكا نفسها. منذ هجمات 11 سبتمبر، رفعت الإدارات الأمريكية شعار مكافحة ما أسمته “التطرف الإسلامي” وجعلت منه محورا لسياساتها الداخلية والخارجية.
ورغم مليارات الدولارات التي أُنفقت على هذه الحرب، تشير البيانات إلى أن التطرف لم يُستأصل بل تبدل مساره حتى صار التهديد الأبرز داخل المجتمع الأمريكي.
الأرقام تكشف عن زيادة بنسبة 360 في المئة في أنشطة التطرف منذ عام 2016 وهو ما يعكس فشل الاستراتيجية الرسمية وتحول المشكلة إلى تهديد داخلي خطير.

البعد الثاني يتمثل في طبيعة التفاعل الشعبي مع الاغتيال. منصات التواصل الاجتماعي امتلأت بمقاطع لشرائح من الليبراليين الأمريكيين وهم يحتفلون بمقتل كيرك في مشهد كان يصعب تصوره قبل سنوات.
انتشار هذه المقاطع على نطاق واسع وتعبيرها عن حالة من الشماتة الجماعية، يطرح تساؤلات حول مستوى التدهور القيمي في المجتمع الأمريكي حيث لم يعد مقتل الخصوم السياسيين يُنظر إليه كخسارة أخلاقية بل تحول إلى مناسبة للفرح عند قطاعات واسعة.

التحليل الأعمق يكشف أن الأزمة لا تتعلق بحدث فردي بل بما يعكسه من صورة أشمل. كل إمبراطورية تواجه أزمات سياسية واقتصادية لكن معيار بقائها يقاس بقدرتها على الحفاظ على قيمها الأخلاقية. التاريخ يقدّم شواهد واضحة منها تراجع الدولة الإسلامية الذي رافقه انهيار في منظومة القيم.
والمشهد الأمريكي اليوم يبدو مشابها حيث تتآكل أسس الحرية وحقوق الإنسان وحرية التعبير ويتحول الخلاف السياسي إلى صراع دموي يتبادل فيه الطرفان اتهامات الخيانة من وصف بايدن بأنه عميل للصين إلى اتهام ترامب بالارتباط بروسيا.

اغتيال كيرك وما تبعه من ردود فعل يكشفان عن أزمة عميقة تضرب المجتمع الأمريكي من الداخل. وهو مشهد يحمل رسائل بالغة الأهمية ليس للأمريكيين وحدهم بل لكل من يراقب مسار القوى الكبرى في التاريخ.
الرسالة الأبرز أن الاحتفال بموت إنسان، أيّاً كان موقفه السياسي، هو سقوط أخلاقي لا يُعبّر عن خصومة سياسية بل عن انحدار إنساني يفقد المجتمعات قدرتها على التماسك والبقاء.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري ل UrKish News.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى