
وكالات – تتواصل في مدينة شرم الشيخ المفاوضات غير المباشرة بين حركة حماس وإسرائيل بوساطة مصرية وقطرية وأمريكية في محاولة جديدة للتوصل إلى اتفاق شامل ينهي الحرب الدائرة في قطاع غزة منذ عامين. وتتركز المناقشات على ملفات رئيسية تشمل تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار وإعادة إعمار القطاع وانسحاب القوات الإسرائيلية من المدن.
قال المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية اليوم الثلاثاء إن خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن غزة تتضمن عشرين بندا وتشمل ترتيبات لوقف دائم لإطلاق النار وضمانات دولية لإيصال المساعدات الإنسانية وتسوية شاملة تضمن أمن إسرائيل وحقوق الفلسطينيين. وأكد أن قطر والولايات المتحدة تواصلان العمل مع القاهرة لتقريب وجهات النظر مشيرا إلى أن الحديث عن مستقبل مكتب حماس في الدوحة “سابق لأوانه”.
مصادر سياسية مطلعة في القاهرة وصفت الجلسات الأولى من المفاوضات بـ”الإيجابية” موضحة أنها استمرت أربع ساعات وناقشت خارطة طريق وآليات تنفيذ الاتفاق. وتشمل البنود المطروحة تبادل الأسرى بين الطرفين وتسليم المحتجزين الإسرائيليين الأحياء والجثامين والإفراج عن أسرى فلسطينيين، من بينهم قيادات بارزة من فصائل المقاومة. كما يجري بحث خرائط انسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية من شمال ووسط غزة وآليات دخول المساعدات الإنسانية وتشكيل لجنة فلسطينية من الكفاءات لإدارة القطاع بعد وقف العمليات العسكرية.
وأكدت حركة حماس، عبر وفدها المشارك في المفاوضات أنها مستعدة للقبول باتفاق شامل في حال وجود ضمانات أمريكية ودولية مشددة على ضرورة وقف التحليق والقصف وسحب القوات الإسرائيلية من المناطق المدنية قبل تنفيذ أي تبادل للأسرى. ونقلت مصادر قريبة من الحركة أن المفاوضات حول التفاصيل الأمنية والإنسانية ستكون “معقدة وصعبة” لكنها اعتبرت أن وجود أطراف دولية فاعلة يمثل فرصة لإحراز تقدم.
تزامنت المفاوضات مع إحياء إسرائيل الذكرى الثانية لهجوم السابع من أكتوبر 2023 الذي نفذته كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، وأسفر عن مقتل 1219 شخصا وخطف 251 آخرين، وفق الإحصاءات الإسرائيلية الرسمية. وتؤكد تل أبيب أن 47 من هؤلاء ما زالوا محتجزين في غزة، بينهم 25 يُعتقد أنهم قضوا، فيما تواصل عائلاتهم تنظيم مظاهرات أسبوعية في تل أبيب للضغط على الحكومة من أجل إبرام صفقة تبادل.
منذ ذلك الهجوم، تواصل إسرائيل عملياتها العسكرية في قطاع غزة برا وجوا وبحرا. ووفق وزارة الصحة في غزة، أسفرت الحرب عن مقتل أكثر من 67 ألف فلسطيني، بينهم آلاف النساء والأطفال، إضافة إلى تدمير أكثر من 193 ألف مبنى سكني وتجاري وخدمي وتضرر معظم المستشفيات والمدارس وشبكات المياه والكهرباء. وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن 82 بالمئة من سكان القطاع نزحوا من منازلهم ويعيشون في مخيمات مكتظة تفتقر إلى الخدمات الأساسية.
الخطة الأمريكية التي طرحها ترامب تنص على وقف فوري لإطلاق النار وإطلاق سراح جميع المحتجزين الإسرائيليين ونزع سلاح الفصائل المسلحة وبدء انسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية من غزة، على أن تتولى لجنة فلسطينية إدارة الشؤون المدنية بإشراف دولي. وترى واشنطن أن تنفيذ هذه البنود سيعيد الاستقرار إلى المنطقة ويفتح المجال أمام مفاوضات أوسع حول مستقبل الدولة الفلسطينية.
لكن مراقبين حذروا من أن الاتفاق على تفاصيل الخطة سيواجه عقبات كبيرة بسبب انعدام الثقة بين الطرفين وغياب توافق داخلي في إسرائيل حول مصير الحرب. وكان رئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير قد صرح الأسبوع الماضي بأن فشل المفاوضات سيؤدي إلى “عودة الجيش لاستئناف العمليات العسكرية” مؤكدا أن المؤسسة العسكرية “جاهزة لجميع السيناريوهات”.
في المقابل، حذرت منظمات دولية من أن استمرار الحرب دون اتفاق سيضاعف الكارثة الإنسانية في غزة التي تعاني من نقص حاد في الغذاء والدواء والوقود. ودعت الأمم المتحدة إلى وقف فوري لإطلاق النار والسماح بدخول المساعدات بشكل آمن وكامل إلى المدنيين.
وتعد هذه الجولة من المفاوضات الأخطر منذ بدء الحرب إذ تراهن الأطراف الوسيطة على تحقيق تقدم ملموس يفتح الطريق نحو تسوية دائمة، في ظل ضغوط متزايدة من واشنطن والعواصم الأوروبية لإنهاء القتال وبدء مرحلة إعادة الإعمار.
Web Desk