
في خطوة قد تعيد تشكيل خريطة عالم التكنولوجيا، أعلن مارك زوكربيرغ الرئيس التنفيذي لشركة “ميتا” (Meta) عن نهاية عصر الهواتف الذكية موضحًا أن النظارات الذكية ستكون هي المستقبل القريب. هذا الإعلان يثير تساؤلات عديدة حول استعداد العالم لتغيير أساسي في طريقة تعاملنا مع الأجهزة التكنولوجية وكيفية تفاعلنا مع العالم الرقمي.
على مدار العقدين الماضيين، كانت الهواتف الذكية جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية ووسيلة للتواصل وإدارة الأعمال والتسوق وحتى الترفيه. لكن مع ازدياد الاعتماد على هذه الأجهزة، ظهرت ظاهرة “الإرهاق الرقمي” (Digital Exhaustion) حيث أصبح المستخدمون عرضة للتشتت نتيجة للإشعارات المتواصلة والمحتوى المتدفق من كل مكان. وفقًا لزوكربيرغ، لم يعد الحل يكمن في تحسين الهواتف الذكية أو إضافة مزيد من المزايا لها بل في البحث عن تكنولوجيا أكثر ذكاءً وانسيابية ما دفع شركة “ميتا” للاستثمار في مشروع “أوريون” (Orion)، وفق تقرير أورده موقع “Daily Galaxy“.
في مؤتمر “Meta Connect 2024“، عرضت “ميتا” نظارات “أوريون” الذكية التي تعتمد على تقنيات الواقع المعزز والذكاء الاصطناعي وهي تقدم تجربة تفاعل مع العالم الرقمي دون الحاجة لاستخدام شاشات اللمس. ما يجعل هذه النظارات مبتكرة هو مزاياها التي تشمل شاشات هولوغرافية تعرض المعلومات بشكل مباشر أمام عيني المستخدم والتحكم عبر الأوامر الصوتية وإيماءات اليد، بالإضافة إلى تقنية تتبع حركة العين لتحسين التفاعل وجعل التجربة أكثر طبيعية وسلاسة.
لا يقتصر المشروع على مجرد نظارات “أوريون” بل دخلت “ميتا” في شراكة مع “Ray-Ban” لإطلاق نظارات ذكية بتصميم عصري يشمل كاميرات مدمجة ومكبرات صوت وميزات تحكم صوتي. هذه النظارات تتيح للمستخدمين إجراء المكالمات والاستماع إلى الموسيقى والتقاط الصور بكل سهولة مما يعزز من فكرة أن النظارات الذكية ستكون أداة أساسية في المستقبل القريب.
لم تبق “ميتا” وحدها في هذا السباق نحو المستقبل، حيث أعلنت “آبل” (Apple) عن نظاراتها الذكية “Vision Pro” التي تقدم تجربة واقع مختلط متطورة ما يشير إلى تحول تكنولوجي عالمي في الطريق مما يعزز الفكرة القائلة بأن الهواتف الذكية في طريقها إلى الزوال.
إذا تحققت رؤية زوكربيرغ فإن النظارات الذكية لن تكون مجرد وسيلة لعرض المعلومات بل ستكون مساعدين شخصيين يعتمدون على الذكاء الاصطناعي، قادرين على:
استبدال التفاعل اللمسي بالأوامر الصوتية وإيماءات اليد.
تقديم ترجمات فورية للنصوص والمحادثات.
عرض المعلومات بشكل مباشر عند الحاجة دون الحاجة للبحث اليدوي.
ورغم التفاؤل الذي يحيط بتقنيات النظارات الذكية فإن الطريق نحو استخدامها على نطاق واسع يواجه العديد من العقبات، أبرزها:
عمر البطارية: حاجة النظارات الذكية إلى طاقة كافية لدعم الاستخدام المطول.
معالجة البيانات: قدرة النظارات على تشغيل التطبيقات المتقدمة بكفاءة عالية.
مخاوف الخصوصية: التساؤلات حول تأمين البيانات الشخصية خصوصًا مع وجود كاميرات تعمل بشكل دائم.
لا يقتصر التحول المرتقب في عالم الأجهزة الذكية على “ميتا” فقط بل يشارك فيه العديد من كبار رواد التكنولوجيا. فإيلون ماسك يرى أن المستقبل سيكون في التحكم بالعقل مباشرة عبر واجهات تربط الدماغ بالحاسوب من خلال شركته “نيورولينك“. في حين أن بيل غيتس يروج لفكرة الوشوم الإلكترونية (Electronic tattoos) التي يمكنها إرسال واستقبال البيانات مباشرة من الجسم البشري.
لكن على النقيض من ذلك، لا يزال تيم كوك الرئيس التنفيذي لشركة “آبل” متمسكًا بفكرة أن الهواتف الذكية لن تختفي قريبًا.
يبقى السؤال الأهم: هل المجتمع مستعد لتبني هذه التقنيات الجديدة التي قد تغير جذريًا طريقة تفاعلنا مع الأجهزة التكنولوجية؟ رغم أن العديد من الشركات العملاقة تروج لهذا التغيير إلا أن المستخدمين قد يحتاجون إلى بعض الوقت للتأقلم مع هذا المستقبل المجهول.
والأيام القادمة ستجيب عن هذه التساؤلات لتكشف عن مدى استعداد البشر لتبني ما بعد الهواتف الذكية.
Web Desk