آراء و مقالات

“أهمية قراءة الديناميكيات بدقة”

نقلاً عن موقع “Seta” الإخباري التركي في ١٨ تشرين الأول/ أكتوبر

إن التوجُّه التوسعي والعدواني الذي تتبعه إسرائيل من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم حالة عدم الاستقرار في الشرق الأوسط على المدى الطويل. وقد أصبح واضحًا أن وقف إطلاق النار لن يتم قبل الانتخابات الأمريكية. فإذا فاز ترامب بالانتخابات، فستعتبر إسرائيل الفترة الممتدة من الآن وحتى تنصيب الرئيس الجديد في يناير فرصة سانحة لتوسيع نطاق الصراع. وستسعى خلال هذين الشهرين إلى تكثيف العمليات العسكرية.

سيدفع الطموح التوسعي والعدوان الإسرائيلي بالمنطقة نحو مزيد من عدم الاستقرار على المدى الطويل. وقد بات واضحًا أن وقف إطلاق النار مرهون بنتائج الانتخابات الأمريكية. ففي حال فوز ترامب، ستستغل إسرائيل الفترة الانتقالية قبل تنصيب الرئيس الجديد في يناير لتصعيد العمليات العسكرية وتوسيع نطاق الصراع.

نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية ستكون حاسمة أيضًا من حيث مواقع إيران ودول الخليج في المستقبل. انتخاب ترامب يعني العودة إلى سياسة الضغط الأقصى على إيران. دول الخليج، في الوقت الحالي، بعيدة عن اتباع سياسة توقف توسيع إبادة إسرائيل. هم أيضًا في انتظار نتائج الانتخابات الأمريكية. إعادة الجلوس إلى طاولة المفاوضات مع إسرائيل بعد انتخاب ترامب لن يضمن أيضًا أمن هذه الدول.

تشهد المنطقة حاليًا دوامة من الصراع، حيث يتوقع أن تشهد الأيام القليلة المقبلة ردًا إسرائيليًا على الهجوم الصاروخي الإيراني الذي وقع في بداية أكتوبر. ومن المتوقع أن يتحدد توقيت الرد الإسرائيلي بناءً على مدى نجاح الولايات المتحدة في سد الثغرات في منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية. وقد سعت إدارة بايدن سريعًا إلى تعزيز الدفاعات الإسرائيلية بنشر نظام باتريوت المتطور.

في حال شنت إسرائيل ضربة جديدة، فمن المحتمل أن يرد الإيرانيون بقوة أكبر هذه المرة، مما يزيد من حدة الصراع ويفاقم حالة عدم الاستقرار في المنطقة. ومن شأن هذا التصعيد المتسارع أن يجذب المزيد من الأطراف الإقليمية إلى هذا الصراع المعقد، مما يؤدي إلى تفاقم الانقسامات القائمة.

وصف الرئيس أردوغان لإسرائيل بأنها تهديد وطني لا يعني بالضرورة اندلاع حرب تقليدية بين البلدين. إن السياسات العدوانية لإسرائيل التي تستهدف تغيير الوضع القائم في المنطقة تؤدي إلى تفاقم حالة عدم الاستقرار الإقليمي. فما يحدث من اضطرابات في لبنان وسوريا والعراق وإيران ينعكس سلبًا على تركيا بشكل مباشر.

من هذا المنطلق، يمكن تفسير خطوة زعيم حزب الحركة القومية، دولت باهجه لي (Devlet Bahçeli)، بمد يد العون إلى المعارضة، وتبني تحالف الشعب لهذا الموقف، على أنها محاولة لتعزيز الجبهة الداخلية في مواجهة التحديات الخارجية. من المهم إدارة التوقعات بشأن المصالحة الداخلية، فالأجواء التوافقية التي تسود الساحة السياسية من شأنها أن تعزز السياسة الخارجية وتزيد من قدرة تركيا على مواجهة التحديات الإقليمية المتزايدة.

ثانيًا، إن اعتبار الجهود المبذولة لخلق مناخ من التوافق بمثابة عملية سلام جديدة من شأنه أن يعيد إحياء الخلافات والانقسامات القديمة. ومن الخطأ أن يحصر الحزب الديمقراطي الشعبي والمتحدثون في الرأي العام النقاش في إطار ضيق يركز على مسألة الإرهاب وعلى سجن إمرالي. يجب على الحزب الديمقراطي الشعبي أن يتخلى عن الخطاب السياسي الذي يعتمد على التمسُّك بحزب العمال الكردستاني وزعيمه أوجلان.

ثالثًا، من الواضح أن المبادرة التي أطلقها تحالف الشعب لن تؤثر سلبًا على مكافحة الإرهاب. فقد تمكنت تركيا من تقليص تحركات حزب العمال الكردستاني بشكل كبير داخل أراضيها، ودفعته إلى التراجع نحو الأراضي العراقية حيث تم الحد من نشاطه. ومع ذلك، لا يزال التهديد الذي يشكله حزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي من الأراضي السورية قائمًا. ففي حال استغلال أي فراغ سياسي قد ينشأ في المنطقة لشن هجمات على تركيا، فإن ذلك قد يستدعي القيام بعمليات عسكرية جديدة عبر الحدود.

إن التطورات الإقليمية المتسارعة والتحولات السياسية الداخلية مرتبطة ارتباطًا وثيقًا. ومع ذلك، فإن التركيز الحصري على التطورات الخارجية قد لا يكون كافيًا لإدارة الأوضاع الداخلية بفعالية. لذلك، يجب على جميع الأطراف السياسية تحليل السياق الداخلي بدقة واتباع نهج أكثر حذرًا في إدارة شؤون البلاد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء تعطيل حاجب الإعلانات للاستمرار في استخدام موقعنا