كيف تميّز مشاعر طفلك من خلال تعبيراته وسلوكه؟

تخيل لو كان بإمكان طفلك أن يخبرك بما يحتاجه في الساعة الثالثة صباحًا مما يتيح لكما على العودة للنوم بسرعة. في الواقع تبين أن لطفلك وسيلة خاصة للتواصل معك.
تُعتبر “لغة الأطفال” وفقًا لمنهج دنسـتن طريقة تساعد الآباء في فهم مغزى بكاء أطفالهم. تعتمد هذه الطريقة على الفكرة القائلة بأن جميع الأطفال يتشاركون “لغة” عالمية مشتركة بغض النظر عن مكان ولادتهم أو اللغة التي يتحدث بها والداهم.
ما هي “لغة الأطفال” وفقًا لمنهج دنسـتن؟
تعتمد “لغة الأطفال” التي طورتها برسيلا دنسـتن مغنية الأوبرا الأسترالية على اكتشافها أن الأطفال يصدرون أصواتًا معينة قبل البكاء. وتعتقد دنسـتن أنه من خلال مراقبة هذه الأصوات يمكن فهم ما يحاول الطفل التعبير عنه قبل أن يصل إلى مرحلة البكاء الشديد.
على الرغم من أن دنسـتن ليست أخصائية في التخاطب أو خبيرة في نمو الأطفال إلا أنها استخدمت مهاراتها كمغنية وخبرتها الموسيقية لإجراء أبحاث استمرت لمدة ثماني سنوات شملت أطفالًا من مختلف أنحاء العالم. وكانت النتيجة هي تطوير ما يُعرف بـ”لغة الأطفال” وفقًا لطريقتها.
تعد “لغة الأطفال” وفقًا لطريقة دنستن تقنية عملية أكثر منها لغة حقيقية وهي سهلة التعلم والتطبيق من قبل الآباء ومقدمي الرعاية مع معظم الأطفال.
كيفية استخدام لغة الأطفال وفق طريقة دنسـتن:
توضح طريقة دنسـتن أن هناك خمس أصوات أساسية يصدرها جميع الأطفال قبل بدء البكاء. هذه الأصوات هي المفتاح لفهم احتياجات طفلك، لذا من المهم التركيز عليها بدلاً من الانشغال بالبكاء نفسه.
الأصوات الخمس الأساسية في “لغة الأطفال” وفقًا لطريقة دنسـتن هي:
1- “نيه“: “أنا جائع!”
2- “إه“: “أحتاج إلى التجشؤ!”
3- “إير” أو “إيرغغغ“: “أعاني من الغازات أو أحتاج إلى تدليك بطني.”
4- “هَه“: “أنا غير مرتاح جسديًا” (مثل الشعور بالحرارة أو البرودة أو ملابسي مبللة).
5- “أوه” أو “أُوه“: “أريد النوم.”
بالإضافة إلى هذه الأصوات تعتمد لغة دنسـتن أيضًا على لغة الجسد وإشارات اليد التي تساعد الآباء على فهم احتياجات الطفل بشكل أفضل. كما يُنصح بمراقبة تكرار البكاء ونمطه (إن وُجد) لفهم سبب بكاء طفلك وتلبية احتياجاته بسرعة.
إلى جانب أصوات البكاء تنصح طريقة دنسـتن بمراقبة الحركات الجسدية لطفلك، بما في ذلك:
دوران الرأس: إذا قام طفلك بتحريك رأسه دون أن يبكي فقد يكون ذلك إشارة إلى استعداده للنوم. أما إذا كان يدير رأسه من جانب لآخر أثناء البكاء فقد يشير ذلك إلى شعوره بعدم الراحة أو الألم.
قبض اليدين: بالرغم من أن قبض اليد المغلقة يُعتبر عادة كعلامة على الغضب أو الألم إلا أنه قد يكون أيضًا دليلًا على شعور طفلك بالجوع.
ارتعاش اليدين: قد يكون هذا علامة على أن طفلك يشعر بالخوف أو القلق.
تقوّس الظهر: إذا قام طفلك بتقويس ظهره على شكل قوس فقد يكون ذلك بسبب شعوره بالألم أو عدم الراحة. كما يمكن أن يكون ناتجًا عن الإفراط في الرضاعة أو الانتفاخ. بالنسبة للأطفال الذين تجاوزوا الشهرين قد يظهر هذا السلوك عندما يشعرون بالإرهاق أو الضيق.
رفع الساقين: إذا رفع طفلك ساقيه نحو بطنه أو ثنى ركبتيه فقد يكون ذلك دليلاً على وجود غازات أو شعوره بالألم. كما قد يكون أيضًا مؤشرًا على أنه في مزاج جيد ويرغب في اللعب!
تعد طريقة دنسـتن أكثر فعالية مع الأطفال قبل أن يبدأوا بتعلم أصوات جديدة، لأن محاولة الطفل إصدار أصوات جديدة أو التحدث قد تؤثر على أصواته الطبيعية.
يمكنك بدء استخدام لغة دنسـتن منذ ولادة طفلك وهي فعّالة بشكل خاص للأطفال الذين تقل أعمارهم عن ثلاثة أشهر. ومع ذلك يمكن تطبيقها أيضًا على الأطفال الأكبر سنًا قليلاً.
هل هذه الطريقة فعّالة؟
تعد لغة الأطفال وفق طريقة دنسـتن تقنية حديثة نسبيًا. وهناك العديد من الشهادات الواقعية من الآباء ومقدمي الرعاية الذين يزعمون أن تعلم هذه اللغة ساعدهم في تحسين رعايتهم لأطفالهم حديثي الولادة.
مع ذلك لا تزال فعالية لغة دنسـتن للأطفال قيد الدراسة والتقييم.
في دراسة أجراها باحثون من رومانيا تم فحص تسجيلات لـ 65 طفلًا رضيعًا من مختلف أنحاء العالم. باستخدام طريقة دنسـتن استعانوا بجهاز كمبيوتر للتعرف على الأصوات الخمسة التي تحددها هذه الطريقة. أظهرت النتائج أن 89% من أصوات الأطفال تم التعرف عليها بدقة.
في دراسة نُشرت مؤخرًا في عام 2020 تم تصنيف أصوات الأطفال باستخدام أسلوب أكثر دقة مما أدى إلى تحقيق دقة تصنيف بلغت 94.7%.
دراسة طبية أخرى قاست مستويات التوتر لدى الآباء الجدد ووجدت أن الآباء الذين تعلموا لغة دنسـتن للأطفال أشاروا إلى مستويات توتر أقل مقارنةً بالمجموعة الضابطة التي تعلمت فقط أساليب العناية التقليدية بالرضع.
أظهرت الأبحاث أيضًا أن أكبر تحدٍ في التعرف على أصوات الطفل التحذيرية هو أن مدة الصوت قبل بدء البكاء تكون عادة قصيرة جدًا. لذلك يجب على الآباء أن يكونوا في حالة تأهب دائم ومستعدين لاكتشاف هذه الإشارات قبل أن يبدأ الطفل في البكاء بشكل كامل.
ما زال هناك حاجة لإجراء المزيد من الأبحاث لتحديد الدقة الفعلية للغة دنسـتن للأطفال. ومع ذلك تشير الدراسات المذكورة إلى أن الأطفال يصدرون أصواتًا مشابهة بغض النظر عن مكانهم أو خلفياتهم الثقافية.
تركز معظم الأبحاث الحالية حول لغة دنسـتن للأطفال على استخدام التكنولوجيا الحاسوبية لتحليل ترددات الصوت والنغمة وخصائص أخرى للأصوات بين مجموعة الأطفال.
تتناول إحدى الدراسات إمكانية تطوير تطبيق حاسوبي (على الهاتف المحمول) قادر على “استماع” إلى بكاء طفلك ثم إبلاغك بما يقوله وفقًا للغة دنسـتن للأطفال. وتستمر الأبحاث في تطوير منتجات جديدة تتعلق بلغة الأطفال.
تطور اللغة العامة للأطفال
حتى يصل الطفل إلى ثلاثة أشهر فإن الأصوات التي يصدرها لا تعد كلامًا أو لغة. الأصوات التي تُستخدم في لغة دنسـتن للأطفال هي في الغالب اضطرابات صوتية تنبع من مشاعر الطفل.
هذا يعني أنه عندما يشعر الطفل بمشاعر معينة سيصدر هذه الأصوات بشكل تلقائي باستخدام جهازه الصوتي.
يختلف تطور اللغة من طفل لآخر. في عمر الشهرين قد يبدأ طفلك في الضحك والابتسام عند التحدث إليه ويحاول تقليد حركات فمك.
بعد شهر أو شهرين قد يبدأ طفلك في إصدار أصوات بمفرده ويميل إلى التمتمة قليلاً. في هذه المرحلة قد تحدث بعض التغيرات في الأصوات المستخدمة في لغة دنسـتن للأطفال.
يبدأ معظم الأطفال في تقليد الأصوات واستخدام الحروف المتكررة مثل “ماما” و”بابا” بين سن 6 و 9 أشهر.
الخلاصة:
لغة دنسـتن للأطفال هي وسيلة تساعدك على فهم سبب بكاء طفلك حديث الولادة. قد لا تنجح هذه الطريقة مع جميع الآباء ولكن العديد منهم يقرون بأنها فعّالة بالنسبة لهم.
عندما تحاول تهدئة طفلك الباكي فإن أي نوع من الفهم يسهم في مساعدتك. من خلال مراقبة بكاء طفلك وحركاته يمكنك أن تشعر بأنك قادر على تلبية احتياجاته بسرعة وفعالية أكبر مما يعزز ثقتك كأب أو أم جديدين.
ترجمة وإعداد: عبدالحميد سعد