
كشفت دراسة تحليلية حديثة أن التغيرات الطفيفة في وظائف القلب قد تكون أكثر من مجرد مؤشر على مشكلات قلبية بل قد تنذر أيضًا بتغيرات مبكرة في صحة الدماغ. الدراسة التي نُشرت في مجلة Neurology التابعة للأكاديمية الأمريكية لطب الأعصاب، وجدت ارتباطًا بين ضعف وظائف القلب وانخفاض حجم الدماغ خاصة في المناطق المرتبطة بالذاكرة مما قد يكون علامة مبكرة على الإصابة بالخرف (Dementia).
وفقًا للدراسة، فإن الأشخاص الذين يعانون من خلل في وظائف القلب حتى في مراحله المبكرة، قد يكون لديهم حجم دماغ أصغر من غيرهم مما قد يؤثر على القدرات الإدراكية والذاكرة. وعلى الرغم من أن الدراسة لم تثبت بشكل قاطع أن مشكلات القلب تؤدي إلى فقدان خلايا الدماغ، فإنها تؤكد على وجود علاقة وثيقة بين صحة القلب وصحة الدماغ.
يقول الدكتور فرانك جي. وولترز الباحث في المركز الطبي لجامعة إيراسموس في روتردام، هولندا وأحد مؤلفي الدراسة: “تُظهر النتائج أن الحفاظ على صحة القلب قد يساهم في حماية الدماغ من التدهور وهو ما يعزز أهمية الكشف المبكر عن مشكلات القلب وعلاجها.”
استندت الدراسة إلى تحليل بيانات من سبع دراسات سابقة أُجريت في أوروبا والولايات المتحدة شملت 10,889 مشاركًا بمتوسط عمر 67 عامًا. استخدم الباحثون التصوير بالرنين المغناطيسي لقياس حجم الدماغ وقاموا بتقييم وظائف القلب، بما في ذلك:
الوظيفة الانقباضية: تعني قدرة البطين الأيسر على الانقباض وضخ الدم بكفاءة.
الوظيفة الانبساطية: تشير إلى مدى قدرة البطين الأيسر على الاسترخاء والامتلاء بالدم بين النبضات.
أظهرت النتائج أن الأشخاص الذين يعانون من ضعف انقباضي متوسط إلى شديد لديهم حجم دماغ إجمالي أصغر مقارنة بالأشخاص الذين لديهم وظائف قلبية طبيعية. كما أن الذين يعانون من ضعف انبساطي لديهم انخفاض في حجم الحُصين (Hippocampus) وهي منطقة في الدماغ تلعب دورًا رئيسيًا في الذاكرة والتعلم.
من المثير للقلق أن الدراسة وجدت أن حتى الخلل الطفيف في الوظيفة الانبساطية قد يكون له تأثيرات سلبية على صحة الدماغ. يقول الدكتور وولترز: “هذه النتائج تشير إلى ضرورة فحص المرضى الذين يعانون من مشكلات قلبية خاصة ضعف الوظيفة الانبساطية، للكشف عن أي تدهور معرفي مبكر والبدء في التدخلات العلاجية في الوقت المناسب.”
على الرغم من أهمية هذه النتائج، يشير الباحثون إلى ضرورة إجراء مزيد من الدراسات لفهم العلاقة بين صحة القلب وصحة الدماغ بشكل أعمق وربط النتائج التصويرية للدماغ بالتأثيرات الصحية طويلة المدى. كما أشاروا إلى أحد القيود المهمة في هذه الدراسة وهو أن غالبية المشاركين كانوا من ذوي البشرة البيضاء مما يعني أن النتائج قد لا تكون قابلة للتعميم على جميع الفئات السكانية.
تضيف هذه الدراسة دليلاً جديدًا على أهمية الحفاظ على صحة القلب ليس فقط لتجنب أمراض القلب ولكن أيضًا للحفاظ على صحة الدماغ وتقليل مخاطر التدهور المعرفي مع التقدم في العمر. من هنا، يشدد الخبراء على أهمية اتباع نمط حياة صحي يشمل ممارسة الرياضة وتناول نظام غذائي متوازن والتحكم في ضغط الدم والكوليسترول والتوقف عن التدخين كوسائل فعالة للحفاظ على صحة القلب والدماغ معًا.
Web Desk