اقتصادالحرب التجارية

الحرب التجارية: الصين تعيد رسم خريطة صادراتها

تعبيرية (internationalfinance)

في ظل التصعيد الاقتصادي بين الولايات المتحدة والصين وبعد فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسوماً جمركية باهظة على الواردات الصينية، يترقب العالم تداعيات هذه السياسات على الاقتصاد العالمي خاصة في ظل التحول الكبير الذي قد تشهده خارطة التجارة الدولية.

فقد أغلقت واشنطن – أكبر سوق استهلاكي في العالم- أبوابها جزئياً أمام المنتجات الصينية مما يثير تساؤلات ملحّة حول مصير هذه البضائع والوجهات الجديدة التي ستقصدها بكين لتعويض خسارتها الاستراتيجية.

ووفقاً لتقرير نشرته مجلة إيكونوميست الأمريكية كما أفادته شبكة “العربية” فإن هذه الرسوم الجمركية ليست مجرد قيود تجارية بل تمثل في جوهرها شبه حظر اقتصادي على البضائع الصينية. وتشير المجلة إلى أن الشركات الصينية بدأت بالفعل في البحث عن أسواق بديلة تتمتع برسوم جمركية أقل، مستفيدة من تجاربها السابقة خلال الحرب التجارية الأولى التي خاضها ترامب ضد بكين.

لكن يبدو أن الخيارات المتاحة محدودة خاصة في ظل تشديد الرقابة الأمريكية. فبعض التجار الصينيين حاولوا التحايل على العقوبات الأمريكية من خلال تقليل قيمة الشحنات وتغيير تسميات البضائع وتزوير الوثائق وإعادة تصديرها عبر دول ثالثة مثل المكسيك وفيتنام. ورغم ذلك، تبقى هذه الأساليب غير كافية لتغطية الانخفاض الكبير في الطلب الأمريكي.

ويقدر بنك “جولدمان ساكس” أن نحو 120 مليار دولار من الصادرات الصينية تمكنت من تجاوز التعريفات الجمركية خلال عام 2023، عبر هذه الطرق غير التقليدية.

ومع تصاعد الضغط الأمريكي، أصبحت مراكز إعادة التوجيه مثل المكسيك وفيتنام أكثر حذراً من التعامل مع الشركات الصينية. وأعلنت رئيسة المكسيك كلوديا شينباوم عن استعداد بلادها للتعاون مع الولايات المتحدة في مراقبة حركة الشحن بل وفرض تعريفات جديدة على البضائع الصينية، بالإضافة إلى شن مداهمات على المتاجر المملوكة لصينيين في مؤشر واضح على التوترات التجارية المتزايدة.

وبينما تسعى بكين لإعادة توجيه صادراتها، تظهر ملامح قلق في العديد من الدول المجاورة التي تخشى من الإغراق التجاري. فقد خفضت الشركات الصينية أسعار صادراتها بنسبة 20% منذ عام 2023، في محاولة لإغراق الأسواق ببضائع رخيصة وهو ما يهدد الصناعات المحلية في دول عدة.

وشهدت الصين نمواً كبيراً في فوائضها التجارية مع دول آسيا وأمريكا اللاتينية على حساب الأسواق الأمريكية والأوروبية. وسجلت منظمة التجارة العالمية رقماً قياسياً بلغ 198 شكوى ضد الصين في عام واحد من بينها 37 شكوى من الهند وحدها، وهو ما يعكس تصاعد المخاوف من الممارسات التجارية الصينية.

وفي تايلاند، على سبيل المثال، تراجعت الصناعات المحلية بشكل ملحوظ حيث انخفض الإنتاج الصناعي بنسبة 10% منذ عام 2019 بالتزامن مع تضاعف العجز التجاري مع الصين. وكانت شركات الإلكترونيات والكمبيوتر من أكثر القطاعات تضرراً إذ شهدت انخفاضاً في الإنتاج وصل إلى 40% رغم الطموحات بتحويل البلاد إلى مركز صناعي للحواسيب المحمولة.

وكانت الصين قد صدّرت في عام 2023 فقط أجهزة كمبيوتر محمولة بقيمة 33 مليار دولار إلى الولايات المتحدة. أما اليوم، فإن هذه الصادرات باتت تبحث عن موطن جديد في ظل التحديات المتزايدة في السوق الأمريكي.

في خضم هذه المتغيرات، يبدو أن الصراع التجاري بين واشنطن وبكين لن تكون له آثار ثنائية فقط بل سيمتد تأثيره إلى اقتصادات العالم كافة التي ستجد نفسها مضطرة لإعادة ترتيب أولوياتها ومواجهة موجة جديدة من المنافسة مع البضائع الصينية منخفضة التكلفة.

Web Desk

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء تعطيل حاجب الإعلانات للاستمرار في استخدام موقعنا