علم و تكنولوجيا

العلماء يقتربون من تطوير حواسيب بيولوجية باستخدام خلايا دماغ بشرية

تعبيرية (Shutterstock)

تتجه أبحاث الذكاء الاصطناعي إلى خطوة غير مسبوقة عبر دمج الخلايا الدماغية البشرية الحية بالأنظمة الإلكترونية لبناء ما يُعرف بـ”الحواسيب البيولوجية” قادرة على التعلم والتكيف وأداء مهام تتفوق على الرقائق التقليدية في المرونة واستهلاك الطاقة، وفق تقرير نشره موقع “The Conversation“.

تكنولوجيا العضيات الدماغية ما زالت في مراحلها التجريبية لكن النجاحات التي تحققت حتى الآن مثل تمكّن أنسجة دماغية مزروعة في المختبر من تعلم لعبة “بونغ” أو التعرف على الكلام، جعلت هذه التقنية محط اهتمام علمي وتجاري متسارع.
ويُعزى هذا الاهتمام إلى ثلاثة عوامل رئيسية: تدفق رأس المال الاستثماري نحو مشاريع الذكاء الاصطناعي ونضج تقنيات تصنيع أنسجة دماغية مصغرة في المختبر تحاكي الدماغ البشري والتقدم الكبير في واجهات الدماغ والحاسوب الذي يسهل دمج الخلايا الحية بالأنظمة الإلكترونية.

على مدى نصف قرن، اعتمد العلماء على زراعة الخلايا العصبية البشرية والحيوانية فوق صفائح إلكترودية لدراسة نشاطها إلا أن ظهور “العضيات الدماغية” خلال العقدين الأخيرين شكل تحولا جذريا.
العضيات هي كتل ثلاثية الأبعاد تتشكل تلقائيا من الخلايا الجذعية لتكوّن شبكات عصبية بدائية وتستخدم حاليا في أبحاث الأدوية ودراسة التطور العصبي.
ورغم عدم وجود وعي أو تنظيم شبيه بالدماغ البشري، أظهرت بعض العضيات أنماط نشاط منظم استجابة للتحفيز الكهربائي.

التحول الأبرز جاء عام 2022 عندما أعلنت شركة Cortical Labs الأسترالية نجاح شبكات خلايا عصبية في تعلم لعبة “بونغ” داخل نظام مغلق. الدراسة أثارت جدلا حول مصطلح “الإحساس المجسّد” لكنها وضعت الأساس لمفهوم “ذكاء العضيات” (Organoid Intelligence).

وخلال الأشهر الماضية، تسارعت أنشطة الشركات العلمية حيث تتيح شركة Final Spark السويسرية للباحثين استئجار عضيات عصبية كحواسيب مصغرة فيما تستعد Cortical Labs لطرح أول حاسوب بيولوجي مكتبي باسم CL1. كذلك تعمل فرق بحثية في الولايات المتحدة والصين وأستراليا على دمج العضيات في معالجة بيانات معقدة تشمل التنبؤ بحركة بقع النفط في الأمازون.

رغم هذه الإنجازات، يؤكد العلماء أن المرحلة الحالية تشبه “بيتا البرمجيات”: لا وعي ولا تفكير بشري، بل قدرة محدودة على الاستجابة والتعلم.

على صعيد القوانين والأخلاقيات، يشير الباحثون إلى أن استخدام العضيات كحواسيب يفتح أسئلة جديدة حول حماية الشبكات العصبية البشرية والفصل بين الوظيفة البيولوجية والسلوك الشبيه بالإدراك، إضافة إلى مخاطر ضغط السوق لتطوير عضيات ذات قدرات أعلى.

السنوات القادمة ستحدد ما إذا كان ذكاء العضيات سيحوّل الحوسبة أو سيبقى تجربة علمية قصيرة العمر. حاليًا، لا توجد دلائل على وعي أو ذكاء متقدم والنظم الحالية تظهر قدرة بسيطة على الاستجابة والتكيف.

تركز الأبحاث الحالية على إنتاج النماذج بشكل متسق، توسيع نطاقها واكتشاف تطبيقات عملية مثل: بديل للنماذج الحيوانية في علم الأعصاب وعلم السموم واختبار تأثير المواد الكيميائية على الدماغ المبكر وتحسين توقع نشاط الدماغ المرتبط بالصرع.

مع سعي مليارديرات مثل إيلون ماسك نحو زرع شرائح عصبية ورؤى الترانسهيومانزم، يطرح ذكاء العضيات تساؤلات رئيسية: ما الذي يُعد ذكاءً؟ متى قد تستحق شبكة خلايا بشرية اعتبارات أخلاقية؟ وكيف تنظم المجتمعات أنظمة بيولوجية تتصرف كحواسيب صغيرة؟

التقنية ما زالت في مهدها لكن مسارها يشير إلى أن النقاشات حول الوعي والشخصية وأخلاقيات دمج الأنسجة الحية بالآلات ستصبح ملحة أسرع مما كان متوقعًا.

Web Desk

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى