آراء و مقالاتحوار

عائشة والبروفيسور: صراع بين الشك واليقين

تعبيرية (Abide)

راؤ منظر حيات

في واحدة من تلك اللحظات النادرة التي تهتز فيها أركان القاعات الجامعية بالفكر لا بالتصفيق، شهدت جامعة أوروبية مرموقة حوارًا غير مألوف بين أستاذ للفلسفة وطالبة مسلمة، أعاد إلى الواجهة سؤالًا لطالما حيّر العقول: هل وجود الشر في العالم ينفي وجود الإله؟

كل شيء بدأ عندما طرح البروفيسور “أندرو” – المعروف بميوله الإلحادية – سؤاله الفلسفي أمام طلابه: “لو كان هناك إله حقًا، فلماذا لم يخلق عالمًا مثاليًا خاليًا من الجرائم والآلام؟”

سؤال أثار صمتًا عميقًا كسره صوت طالبة تُدعى “عائشة” بابتسامة واثقة وسؤال مضاد: “أستاذ! هل تحب قراءة الروايات؟ وهل تفضل تلك التي تخلو من التحديات أم التي تمتلئ بالصراعات والمصاعب؟”

البروفيسور أجاب دون تردد: “القصص التي تحوي صراعات ومعاناة هي الأعمق والأكثر تشويقًا” لترد عليه عائشة: “كذلك فعل الله بالحياة لم يجعلها خالية من المصاعب، بل أودع فيها التحديات لتُعطيها معنى وعمقًا وتصنع من الإنسان كائنًا ناضجًا قادرًا على التعاطف والصبر والصمود.”

تواصل الحوار، والبروفيسور يواصل طرح تساؤلاته المنطقية: “هل تعنين أن الله أوجد الآلام ليُمتع نفسه بقصة؟”
ردّت عائشة بهدوء: “الحياة ليست قصة للترفيه بل اختبار تُبنى عليه نتائج أعظم. والله قد أودع في الكون من الآيات ما يكفي لمن أراد أن يبصر.”

ولم تتوقف محاورات الأستاذ، فسأل: “إذا كان الله موجودًا فلماذا يُنكره الناس؟” لتجيبه الطالبة إجابة غير متوقعة: “مثلما يعلم الناس أن التدخين ضار ومع ذلك يدخنون. لأنهم يملكون حرية الاختيار وقد يستخدمونها استخدامًا سيئًا. الإيمان أيضًا اختيار وقد يُرفض لأسباب نفسية أو مصلحية لا منطقية فقط.

وفي إحدى أكثر لحظات الحوار تأثيرًا، تساءل البروفيسور: “إذا كان الله موجودًا فلماذا لا يُظهر نفسه لنا؟” أجابت عائشة: “لأن في اليوم الذي سيكشف فيه الله نفسه، سينتهي الاختبار وتنتهي الدنيا.”

وأردفت: “لكن الله دعا الإنسان للتفكر في خلقه: في الشمس والقمر والإنسان والعقل والجسد… كلها شواهد على وجود خالق حكيم. أما الإدعاء بأن المادة خلقت كل شيء فهو قول بلا برهان. لم يُخلق أي مبنى أو آلة أو كائن وظيفي من تلقاء نفسه، فكيف بالكائن الحي العاقل؟”

لم ييأس الأستاذ، فحاول مجددًا بإثارة قضية المعاناة: “لماذا يولد الأطفال معاقون؟ أين العدل الإلهي؟”
ردّت عائشة مستشهدة ب “هيلن كيلر” (Helen Keller): “لم تلعن هيلن إعاقتها بل حولتها إلى مصدر إلهام. كانت تقول: (السفر السهل لا يصنع الإنسان بل الطريق المليء بالآلام).”

وفي نهاية الحوار، سأل البروفيسور سؤالًا بدا أنه لم يُوجّه لطالبته بقدر ما كان يسأل نفسه: “لماذا لم أجد النور؟ لماذا لم أكتشف وجود الله كما فعلتِ أنتِ؟”

أجابته عائشة بإخلاص: “لأنك اتبعت العقل وحده وأهملت طريق القلب. ابحث عنه بإخلاص وستجده ينتظرك.”

سادت القاعة لحظة صمت خيم فيها التأمل على الجميع. البروفيسور جلس على كرسيه متأثرًا وقال بصوت خافت: “انتهى الدرس… يمكنكم الانصراف.”

المصدر: المقال باللغة الأردية وتم نقله إلى اللغة العربية بواسطة عبدالرؤوف حسين،

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء تعطيل حاجب الإعلانات للاستمرار في استخدام موقعنا