
يشهد عالم التكنولوجيا تطورًا متسارعًا مع ظهور وكلاء الذكاء الاصطناعي الذين باتوا قادرين على تنفيذ المهام اليومية بشكل مستقل مثل حجز الرحلات وطلب البقالة وتنظيم المواعيد. ومع تسابق كبرى شركات التكنولوجيا لتطوير هذه الأدوات، أصبح من الواضح أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مقتصرًا على روبوتات الدردشة بل انتقل إلى مستوى أكثر تقدمًا يسمح له باتخاذ القرارات وتنفيذها دون تدخل بشري مباشر، بحسب تقرير لشبكة “NBC News“.
تزايد الاعتماد على وكلاء الذكاء الاصطناعي
وكلاء الذكاء الاصطناعي هم أنظمة متطورة تستطيع تحليل البيانات ووضع خطط وتنفيذ المهام تلقائيًا بناءً على طلب المستخدم. فقد أطلقت شركة OpenAI وكيلها الذكي الجديد “Operator” الذي يُمكنه إتمام معاملات إلكترونية مثل ملء النماذج وطلب المنتجات عبر الإنترنت وفقًا لتفضيلات المستخدم. وخلال عرض توضيحي، أظهر “Operator” قدرته على حجز عشاء وشراء تذاكر لمباراة رياضية وطلب الطعام مع مراعاة التفضيلات الشخصية لصاحب الطلب.
من جانبها، أعلنت جوجل مؤخرًا عن تطوير وكيل ذكاء اصطناعي جديد تحت اسم “AI co-scientist”، والذي وصفته بأنه “متعاون علمي افتراضي” يعتمد على مجموعة من وكلاء الذكاء الاصطناعي للعمل في بيئات بحثية متقدمة.
الشركات تتبنى التكنولوجيا الجديدة
لم يقتصر الاعتماد على وكلاء الذكاء الاصطناعي على الأفراد فحسب بل بدأت الشركات الكبرى في دمج هذه الأدوات ضمن عملياتها التشغيلية. فقد كشفت Salesforce عن منصتها “Agentforce” التي تتيح للشركات تصميم وكلائها الذكيين لأتمتة المهام المختلفة. كما تبعتها مايكروسوفت بإطلاق “Copilot Studio” وهي منصة متكاملة تساعد الشركات في بناء وكلاء ذكاء اصطناعي خاصين بها.
وباتت هذه التقنية تُستخدم في العديد من المجالات مثل خدمة العملاء والتوظيف والسفر وحتى التحليل المالي مما يعزز من كفاءة العمليات التشغيلية ويوفر الوقت والجهد.
الفرق بين وكلاء الذكاء الاصطناعي وروبوتات الدردشة
يُعد وكلاء الذكاء الاصطناعي نقلة نوعية تتجاوز إمكانيات روبوتات الدردشة التقليدية مثل ChatGPT التي تعتمد على نماذج لغوية كبيرة (LLMs) لتوليد النصوص دون تنفيذ أي مهام فعلية.
في السنوات الأخيرة، ركزت الشركات التقنية الكبرى مثل OpenAI وجوجل وميتا بالإضافة إلى الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي، على تطوير نماذج قادرة على إنشاء محتوى مرئي مثل الصور والفيديو. إلا أن التركيز اليوم أصبح على تطوير وكلاء ذكاء اصطناعي قادرين على اتخاذ قرارات ذاتية وتنفيذ إجراءات عملية دون الحاجة إلى تدخل بشري مستمر.
التأثيرات المحتملة على سوق العمل
يثير هذا التطور مخاوف بشأن تأثيره على الوظائف التقليدية، حيث أشار بارام سينغ أستاذ تكنولوجيا الأعمال والتسويق في جامعة كارنيجي ميلون إلى أن أتمتة المهام ستزيد من كفاءة الشركات، لكنها قد تؤثر سلبًا على الوظائف الأولية التي يمكن لوكلاء الذكاء الاصطناعي تنفيذها بسهولة.
ومع ذلك، يظل الإشراف البشري ضروريًا في بعض المهام التي تتطلب تفكيرًا نقديًا أو فهمًا أعمق للسياقات المختلفة. فعلى سبيل المثال، لا تزال هناك تحديات تشغيلية تواجه هذه الأدوات كما حدث مع إحدى سيارات الأجرة الذاتية القيادة التابعة لشركة Waymo التي أخطأت في إيصال أحد الركاب إلى المطار وظلت تدور في حلقات مفرغة بدلاً من التوجه إلى وجهته الصحيحة.
هل يحد الذكاء الاصطناعي من التفكير النقدي؟
إلى جانب المخاوف المتعلقة بسوق العمل، يتساءل الخبراء عن تأثير الاعتماد المتزايد على الذكاء الاصطناعي على مهارات التفكير النقدي لدى الأفراد. وتقول تامي مادسن أستاذة الاستراتيجية والابتكار في جامعة سانتا كلارا: “السؤال الأهم هو: هل يساعدنا هذا التطور على تحرير عقولنا للإبداع والتطوير أم يجعلنا أكثر اعتمادًا على التكنولوجيا بشكل يحد من قدراتنا الفكرية؟”.
بالمقابل، يرى البعض أن تخفيف الأعباء الروتينية عن الأفراد قد يعزز من قدرتهم على التركيز على مهام أكثر إبداعًا وتعقيدًا مما يجعل التفكير النقدي والابتكار أكثر أهمية من أي وقت مضى.
مستقبل وكلاء الذكاء الاصطناعي
على الرغم من أن وكلاء الذكاء الاصطناعي ليسوا تقنية جديدة بالكامل حيث كانت المساعدات الصوتية مثل Siri وAlexa من أوائل الأدوات في هذا المجال إلا أن الجيل الجديد يتمتع بقدرات أكثر تطورًا واستقلالية.
ومع استمرار تطور هذه الأدوات، من المتوقع أن تلعب دورًا أكبر في حياتنا اليومية سواء في تسهيل المهام البسيطة أو حتى دعم عمليات صنع القرار في المجالات المعقدة.
تختتم مادسن حديثها قائلة: “يجب النظر إلى وكلاء الذكاء الاصطناعي كشركاء في العمل وليس كبدائل للبشر. فالتفاعل بين الإنسان والآلة هو المفتاح لتحقيق أقصى استفادة من هذه التكنولوجيا المتقدمة“.
Web Desk